انتهت مشاكل الأمة، أصبحنا في مصاف الدول العظمى علماً واقتصاداً وسياسة، انتهينا من بلاوينا المتراكمة عبر أجيال: الفقر والأمية والأمراض وانعدام الوعي والطغيان، حررنا فلسطين والعراق وعادت بلاد العرب أنهاراً وجنّات عدن، ولذلك كان لابد من الالتفات لحقيقة الفأر ميكي ماوس هذا الشيطان المسخر من قبل إبليس لسلب عقول الأطفال والكبار- حسب الشيخ محمد المنجد -، وعليه فقد أفتى بقتل الفأر باعتباره كائناً نجساً يقتل في الحل والحرم ولا يجوز لأبناء المسلمين أن يتعلقوا به وينظروا إليه نظرة بطل!! بينما تصدى الشيخ محمد بن جبرين لمنتقدي الشيخ اللحيدان باعتبار أن ''هؤلاء الذين يهاجمون العلماء وبالأخصّ مشاهير المشايخ، الذين اعتُرف بفضلهم، وعُرفت مكانتهم، وعُرف قدرهم، وصاروا ينشرون العلم وينشرون الفتاوى، في نور على الدرب، أو سؤال على الهاتف، أو في هذه القناة التي هي قناة المجد، لابد أن يتم عقابهم، بفصلهم من أعمالهم، وسجنهم سجناً طويلاً، وجلدهم، حتى يرتدعوا'' انتهت فتوى الرجل! بالله عليكم هل يمكن لعاقل أن يسكت على ذلك؟ أين نحن في أوروبا القرون الوسطى أم في عصر محاكم التفتيش؟ وأين الشيخ ابن جبرين من قول الإمام مالك رضي الله عنه حينما وقف على قبر الرسول بالمدينة وقال: كل يؤخذ من كلامه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر؟! أم أن مشايخنا الأجلاء قد وضعوا أنفسهم ضمن طائفة المعصومين من الخطأ؟ مع أن عصمة الأئمة واحدة من مفاصل الخلاف الجذري بين مشايخنا وعلماء الشيعة، وإذن فلماذا موجة التطرف الافتائي في هذه الأيام المباركة؟ أن يكون ميكي ماوس نجساً شيطانياً فتلك مصيبة، أما أن يعاقب الكاتب أو الصحفي إذا انتقد فتاوى بعض العلماء بفصله من عمله أو سجنه أو جلده حتى يرتدع فتلك كارثه لا يجوز السكوت عليها لأنها إصرار على العودة بنا للقرون الوسطى عندما كانت الكنيسة في أوروبا تحاكم بالحرق كل من يتجاوز تعاليم الكنيسة أو يأتي بعكس ما أقرته في الدين والعلم والحياة، كما حرقت كتب جاليليو وأعدم لاحقاً حين قال إن الأرض كروية وليس كما أشاعت الكنيسة من أنها مسطحة!! نحن لا نريد أن نعود لذلك العصر لأن مانحن عليه من تخلف يكفينا ويزيد! لا عصمة لأحد في الدين، سوى لكتاب الله ونبيه الكريم، وحتى في أمور الدنيا حين نصح النبي أحدهم بأمر ما اتضح عدم صحته فجاء الرجل محتجاً للنبي قال له بما معناه افعل ماتعلمه صحيحاً فأنتم أعلم بشؤون دنياكم! ولقد كرر العلماء ورجال الدين ذلك كثيراً، وأن بعض تخلفنا العلمي يعود إلى إغلاق باب الاجتهاد، وتقديس النص والشخوص، هذا التقديس الذي عملت دوائر الاستعمار الأجنبي لبلادنا على إعلاء شأنه في المدارس والجامعات كما كان يوصي مسؤول التعليم الإنجليزي نظار المدارس في مصر زمن الاحتلال بأن يعلموا الطلاب الحفظ فقط وبأن النقاش ممنوع بل ومحرم! لن تفعل هذه الفتاوى شيئاً سوى إعلاء الجدار الفاصل بين النور والظلمة، وتكريس ثقافة الصمت! ayya-222@hotmail.com