ثمة ابتسامة لا تهجر مخيلتك ولا تبارح ذاكرتك بل تحدث إيقاعاً وسحراً في النفس، ولربما تطوي أثر الغم والهم وتلامس شغاف القلب وتخالج الروح بما لا يدع مجالاً للشك بأن ترجمة معانيها صعبة أحياناً، فما يشغل أساريرها تبقى في طيات الفهم من عدمه! ذات ابتسامة جميلة حاصرتني، قلبت ثورة غضب في نفسي، وبثت أحساساً جميلاً، توارى كل خلاف وامتدت خطواتها إلى القلب، ففي مكمن مواقف السيارات عادة يحدث الصدام النفسي، ولربما يتجاوزه إلى ما لا يحمد عقباه خاصة مثلما حدث. حصارها امتد من باب سيارتها إلى باب سيارتي، فخانني الفهم فلم أعلم كيف خرجت من سيارتها وكيف السبيل لي للدخول، ولم يكن الأمر يسيرا للولوج بنفسي من الناحية الأخرى! فحين أقبلت التي بعمر الزهور تسبقها ابتسامة بمثابة عربون اعتذار مسبق، علمت إنه حصار أنثوي مذهل! فبددت ابتسامتها ثورة الغضب وأردتني في تأمل يعني أنني لن أتخلى عن شيء من لباسي الخليجي حتى أقتحم الباب الآخر للسيارة، وتذكرت كم من الأهمية أن تبقى رشيقاً حتى لا يرديك حصار مقيت! أما هي فما أن اقتربت حتى فتحت الباب الآخر وانسلت وديعة وولجت نفسها بطريقة سلسة وجميلة، وأنا في ترقب وابتسامة رضية وصمت بل في حوار نفسي لم يتلاش حتى بعد ابتعادنا عن المكان، إلا أنها فطرة الابتسامة تجبر الفرد على الولوج في عالم من الغموض! زخرفة نفسية وسحر ولغة سلسلة لا تزخر بالحروف لكنها تفند حسب الإشارة التي تفرزها وتترجم حسب قدرة الفهم! حين نعود إلى الطبيعة فإنها ترمز للحياة من خلال ابتسامة إشراق بدء الصباح وهي تشع بالحب وتحتضن الكون برحابة وعنفوان وتخالج الروح بكل سلاسة تذيب حواجز الغموض وتتغلغل في مسامات الجسد مثل رابط رباني يمزج الطبيعة بالمشاعر. ففي الأماكن التي لا تشرق فيها الشمس وتظل محاصرة بالغيوم تتوارى الابتسامة من الوجوه أو تندر، ومثال ذلك ولاية أويريجون التي تنتابها الأمطار الموسمية ما يقارب أشهراً عدة. في تلك البقعة حين تشرق الشمس تشرق الابتسامة مع أن السائد عن الشعب الأميركي البشاشة، بينما يعرف عن الشعبين الألماني والبريطاني بأنهما لا يجيدان الابتسام وكذلك بعض الشعوب التي تتمتع بطابع حياتي صعب أو معقد حيث تورث أجيالها الصلابة المقيتة. فن الابتسامة سباق نحو التأثير الإيجابي في مناحي الحياة ولغة لا يستهان بها، طابعها الصدق مع النفس مما ينفي الأكاذيب والقدر، سحرها الرضا والاطمئنان الذي يوازي إيواء الآخر في جوف القلب، غذاء روحي مكتمل القدرة على استيعاب الآخر، ومغزاها ما بين شعب وآخر يختلف كما تختلف اللغات والعادات، لذا يوجد في الولايات المتحدة منهج لتدريس علم الابتسامة لدى منظومة الشعوب المختلفة على خريطة الكون. فكل حسب ابتسامته!