أطلقت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي وبالتعاون مع وزارة الداخلية حملة توعية للتصدي للباعة المتجولين، في مسعى يستهدف القضاء على هذا المظهر والمسلك غير الحضاريين. واللذين لم يعودا يتناسبان مع تطور المجتمع من جهة، ومع ما أصبحت تحمله الظاهرة من مخاطر على مختلف الصعد، ولا سيما الأمنية من الجهة الأخرى. قبل عقود بعيده كانت ظاهرة البائع المتجول او” الليلام”- كما يطلق عليه محليا- مقبولة إلى حد ما، حيث كانت ربات البيوت في المنازل القليلة المتناثرة في “الفريج” يستعن به لشراء احتياجاتهن من أنواع معينة من السلع. ولم نكن نسمع معها بقضايا كالتي تظهر وتبرز بين فترة واخرى. ولكن الوضع اختلف كثيرا اليوم، بعد خروج المرأة للعمل واعتمادها على المراكز والمحال التجارية الكبيرة، وأصبح إصرار الظاهرة على البقاء يثير العديد من التساؤلات؟!.فالمسألة لم تعد مجرد “فقير” يحاول الارتزاق، وكسب قوة يومه. وبحسب منشورات الحملة فإن 93% من الباعة المتجولين متسللون، و20% منهم متورطون في أعمال سرقة، و13%من هذه الفئة وجهت لهم تهم النصب والاحتيال، و11% منهم اتهموا بخيانة الأمانة، ومنهم ايضا من تورط في أعمال تتنافى مع الآداب العامة وقضايا تتعلق بالتهديد والابتزاز والدجل. ومن الصور الصارخة لـ” ليلام العصر” هذه الأيام انتشار مروجي الأفلام المنسوخة، وأغلبها إباحية، تخصصت في ترويجها فئة من الآسيويين والآسيويات يطوفون بين المنازل والشقق السكنية في أوقات متفاوتة لتصريف بضاعتهم المدمرة. ومن طرائف هذه التجارة ما حدث ذات مرة، عندما أقبلت إحدى البائعات المتجولات ببضاعتها على رواد مقهى في شارع المطار، فما كان من “ فاعل خير” إلا أن أشار لها إلى أحد المباني المجاورة، وهو يؤكد لها أن كل من لديها سيجد من يأخذه منها، وستصرف كل ما معها من الأقراص، حتى تلك التي في مكان إقامتها، فلم تكذب خبراً، وتوجهت بكل ثقة إلى المبنى، الذي لم يكن سوى مبنى المسرح الوطني الذي كان في ذلك الوقت يضم أقسام مراقبة المصنفات الفنية وحماية الملكية الفكرية التابعة لوزارة الإعلام حينها !!. إن مثل هذه الحملات مطلوبة على مستوى الدولة، خاصة أن الظاهرة تنشط بقوة في بعض البلدات الصغيرة والمدن في الإمارات الشمالية، وهي بحاجة إلى تعاون الجميع مع الجهد المبذول للتصدي بكل قوة وحزم للتسلل والمتسللين، لاسيما أن من يمتهن هذه المهنة غير القانونية يرتكب معها عدة مخالفات في آن واحد، فهو يزاول مهنة من دون الحصول على رخصة رسمية من الجهات المختصة، ويروج سلعا هي في الغالب الأعم مخالفة للمواصفات واشتراطات الصحة والسلامة، ومنافية للأخلاق والآداب العامة. وهذه الحملة وإن بدت اقتصادية، إلا أنها تحمل حرصا على المجتمع وصونا لأمنه، وتتناغم مع الجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الداخلية نحو ترجمة استراتيجيتها التي تتضمن الوصول الى مجتمع آمن تختفي معه صور ومظاهر المخالفات الأمنية، وما تحمل من مخاطر على أمن وسلامة المجتمع، وهو الأمر الذي يجب أن تشارك في الوصول إليه كافة فئات وشرائح المجتمع