عند الثامنة والنصف من صباح أمس، وعند أحد مواقف السيارات الجانبية على شارع النجدة كاد شاب آسيوي أن يفتك بسائق سيارة أجرة تابعة لإحدى الشركات المنضوية تحت لواء مركز تنظيم النقل لسيارات الأجرة في المدينة· وكان الخلاف بسبب تدافع أعداد كبيرة من المنتظرين الراغبين في التوجه إلى مقرات أعمالهم· وعند انصراف الموظفين تجد العشرات على جانبي الطريق في انتظار الفرج بأن تطل عليهم سيارة أجرة وتنقذهم من هجير الشمس في هذه الأيام الرمضانية· وقد شهدت شخصيا مغادرة موظف مقر عمله في الثانية من بعد الظهر ووصوله إلى منزله في الرابعة عصرا· وقبل أن يعتقد البعض أن محل إقامته في أطراف دبي، أقول إن الرحلة كانت من مركز أبوظبي ''أبوظبي مول'' إلى شارع المطار القديم، وتحديدا عند المقر الجديد لمجلس أبوظبي للتعليم· إنها أزمة حادة وحادة جدا في أعداد سيارات الأجرة، ويغالط نفسه من يرفض الإقرار بوجودها، أزمة لم توفر أي منطقة من مناطق العاصمة، ومردها الأول والأخير سوء الإعداد والتخطيط الذي يرفض البعض الاعتراف به· والأزمة تتفاقم على الرغم من وجود أربعة خطوط حافلات مجانية تابعة لدائرة النقل، ناهيك عن خطوط حافلات البلدية· ومن دلائل سوء التخطيط، وجود عشرات سيارات الأجرة الجديدة جدا المكدسة في منطقة ميناء ابوظبي، قرب سوق السمك متوقفة هناك في العراء، تنال منها الشمس والرطوبة، لأنه وببساطة لا توجد أعداد كافية من السائقين في مهنة أصبحت من المهن النادرة على يد المسؤولين عن التخطيط لهذا القطاع الحيوي جدا· كما تلاحظ دلائل الارتجال في التخطيط بوجود عشرات من سيارات الأجرة متجمعة أمام السكن الجماعي للعاملين بهذه الشركات في أوقات متفرقة من بينها ساعات الذروة، بحجة أن دوام السائق انتهى· بينما نجد الشركات المماثلة في بقية أنحاء العالم ،السائقون يرتاحون بينما يتناوب العمل على السيارة بدلاء لهم· كما أن المركز المسؤول عن هذا القطاع قام خلال الشهرين الماضيين بإدخال 496 سيارة أجرة جديدة، لترتفع بذلك أعداد سيارات الأجرة الجديدة في العاصمة إلى 2500 سيارة لم تساهم في الحد من الأزمة السائدة، وطبعا لن يظهر أثر وجود هذه السيارات إذا كان المركز قد سحب مقابلها أكثر من 1040 سيارة أجرة قديمة من تلك التي مضى عليها خمس سنوات فقط في الخدمة، لتثير من جديد دور مسألة السحب قبل الإحلال في هذه الأزمة الحادة التي لا يشعر بها إلا من يقف منتظرا لسيارة أجرة تقله إلى مكان عمله أو مقر إقامته بعد يوم حافل· خاصة أن ما يستفز جموع المنتظرين رؤيتهم لسيارات أجرة خالية تمر من أمامهم ولا تريد التوقف، لأسباب لا يستطيع مكابد الانتظار استيعابها ، كأن يزعم سائقها أنه في طريقه لأداء الصلاة أو تناول طعامه أو نقل زبون حجز السيارة الى المطار وغيرها من الأعذار· ويبدو أن الأزمة مرشحة للاستمرار طالما أن عدد سيارات الأجرة الجديدة لن يزيد بنهاية العام الجاري عن العدد الحالي سوى بخمسمائة سيارة، ليصل بذلك إلى 3000 سيارة أجرة في مدينة تتوسع كل يوم وتضم ما لا يقل عن 1,6 مليون نسمة!!