بعد انتهاء مباراة الإمارات وكوريا الشمالية بهزيمة منتخبنا الوطني 1-2 سمعت المعلقين والمحللين والمفسرين والمنجمين والمخمنين والمتضامنين والمناهضين، الجميع كان عاتباً غاضباً صاخباً محتجاً وتجاهل النتيجة التي اعتبروها مأساوية في حق المنتخب·· ولشدة ما لفت نظري أيضاً زجاجات الماء وعلب المشروبات التي تقاطرت على رؤوس لاعبينا كحجارة من سجيل وحكم الساحة يوقف المباراة وحكام الخط اشتغلوا ساعتها فراشين وحمالين ينظفون الملعب من قذارة الأخلاق ووساخة الأعصاب التي نقلت لمجرد سماع صفارة الحكم دون معرفة أي خبر أو علم عن نتيجة أو ''بطيخ''· حقيقة أمر غريب وعجيب ومريب ويرفع الضغط ويزيد من نسبة السكري في الجسم ويضاعف من آلام الرأس والظهر والركبتين والمعدة ويثير الدهشة، لماذا كل هذا الضجيج والقلق والتوتر والأعصاب المشدودة إلى درجة تهتك الشرايين· كل عمل أو فعل يقوم به الإنسان محكوم بثقافة الإنسان ومخزون خبراته العامة ولا يستطيع أي كان أن يغير من جلده لمجرد أن الآخرين يريدون له أن يكون كذلك·· المسألة ليست صرف المبالغ ولا التصريحات والصراعات ولا التحليلات عن بعد، فيما يعيش اللاعبون تحت سطوة الرطوبة وضغط المطالب التي هي أرفع من طاقاتهم الإبداعية· نقول كل فعل ينتج عن ثقافة والرياضة فعل إنساني فهي أيضاً ثقافة وثقافة رياضيينا ليست ثقافة فوز ولا ثقافة فريق متكاسل ولا ثقافة المستوى الثابت في تصاعده· ثقافة رياضيينا هي ثقافة الفوز الطارئ والانتصار الفقاعة الذي سرعان ما ينطفئ وكأن شيئاً لم يكن·· حتى نطالب اللاعبين بالانتصار، لابد من البدء عملياً بإعادة صياغة ثقافة هؤلاء الناس ونحررهم من قيود الإحساس بالهزيمة، الطاغي والمسيطر، والله لو جئنا بمدرب من آخر أصقاع الكون فلن نغير من الحال شيئاً، المسألة ليست مرتبطة بمدرب أو بتخاذل إداري أو بعجز في منطقة ما من مناطق اللعب·· المسألة تتعلق بثقافتنا الرياضية، فالمشاهد للاعبين وهم يتحركون في الملعب يشعر أنه أمام فريق يضم متقاعدين وعجائز لأن أغلال الخوف من المواجهة وعقد النقص المتراكمة جراء تصريحات وتعليقات لا تلامس موضع الألم جعلت اللاعبين يسيرون نحو الكرة وكأن الواحد منهم ذاهب إلى غرفة الإعدام لا يريد أن يقترب من الكرة حتى لا يتحمل المسؤولية ولا يريد أن يترك الكرة لو استقبلها حتى لا يتملكها غيره·· مركبات نقص وخوف وتراكمات ماضية ترسخت وتركت الصدأ عالقاً في الوجدان، ولن يتطهر منها هؤلاء المساكين، إلا بتشذيب وتهذيب ثقافتهم الرياضية وإعادة تأهيل نفسية حقيقية· يا إخوان هذا هو مستوى الرياضة عندنا ولا تغضبوا من هزيمتنا أمام كوريا لأن الكوريين لم يهزموا البرازيل أو الأرجنتين بل هزموا منتخباً يعيش الوهم الإعلامي، أما الحقيقة فهي يجب أن نبدأ من الصفر ولا داعي للنفخ حتى لا تنفجر القربة