عديدة هي المرات التي طرحنا فيها من خلال هذه الزاوية أهمية الاعتناء بأفراد شركات الأمن الخاص، وتأهيلهم التأهيل الصحيح والمتكامل من أجل أن يقوموا بالواجب المطلوب منهم عند الحاجة بكل احترافية ومهنية عالية ، خاصة عند الطوارئ حيث للثانية قبل الدقيقة أهميتها. وهذه الفئة من الأفراد وبالأخص التي تعمل في المراكز التجارية الكبيرة في مختلف مدن الدولة اختبرت في أكثر من ظرف طارئ، ومع ذلك كان أداء الكثيرين منهم متواضعاً، ولا يرقى للمستوى المأمول منهم، لدرجة أن بعض إدارات الشرطة لوحت ذات مرة بإلزام بعض الجهات الاستغناء عن خدمات تلك الشركات، وأن تتولى الشرطة القيام بالعمل بدلا عنها مقابل رسم سنوي. أسوق ذلك بعدما اطلعت على معاناة أسرة عربية هوى بها أحد مصاعد مركز تجاري شهير في العاصمة أبوظبي مساء الجمعة الماضي، من الطابق الثاني إلى الطابق تحت الأرضي، وكيف عاشت لحظات من الرعب عندما توقف المصعد بهم بين طابقي المركز. الأمر قد يبدو عادياً، وبالأخص عندما يتعلق بجهاز آلي وميكانيكي عرضة للعطل، ولكن هنا تظهر مهارات فرق الطوارئ والعاملين في المكان الذي يشهد العطل، وسرعة تدخلهم من أجل إنقاذ المحاصرين، وتهدئة روعهم إلى حين إنقاذهم، وإخراجهم مما هم فيه. في تلك العربة المعلقة من مصعد المركز تواجد إلى جانب الأسرة العربية أربعة أشخاص غربيين صادف أن أحدهم يعمل في فريق الإنقاذ والتدخل السريع بوزارة الداخلية، استطاع فتح باب المصعد وإخراج من فيه بكل هدوء. بينما كان أحد أفراد شركة حراسة المركز يقف لا حول له ولا قوة، ولا يدري كيف يتعامل مع الموقف؟!. بل أشار على المذهولين الخارجين من المصعد العالق الاتصال بخدمات العملاء اذا كانت لديهم أي شكوى. عندما تحدثت مع مدير المركز حول الواقعة اعتبر ما جرى طبيعيا فالمصعد آلة عرضه لأي خلل، والعبرة في سرعة التعامل، وهو ما يراه قد تم على الوجه المطلوب، لأن لديهم”مراقبة على مدار الساعة”!!. وطبعا من عاش تلك المحنة لم يلمس السرعة والطاقم المدرب الذي يتحدث عنه. وهو الأمر الذي يعيدنا للحديث عن أهمية الإعداد والتدريب للعاملين في مثل تلك المراكز التجارية المنتشرة، والتي تعد واحدة من أكثر المناطق والوجهات إقبالا من جانب المتسوقين والزوار، فهي تعد من أماكن الجذب الجماهيري والسياحي. ولا زلت اتذكر المرة الأولى التي أشرنا فيها الى عجز غالبية العاملين في حراسة المراكز التجارية عن التعامل مع الطوارئ عندما أشرت لزائرة أجنبية تعرضت الى أزمة صحية عند تواجدها في مركز تجاري، ولم تجد من يسعفها الى حين وصول الإسعاف أو خدمات الطوارئ. إن المراكز التجارية أصبحت اليوم إلى جانب أنها تضم منافذ تسوق، مناطق جذب سياحي بما تضم من مرافق ترفيهية وترويحية، وتستقطب يومياً آلاف الزوار الذين يتطلب التعامل معهم عند الطوارئ، قدرات وكفاءات خاصة يجب أن تتوافر لدى العاملين في هذا المجال، فالأمر ليس فقط مجرد “يونيفورم” زاه !!.