يعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية اليوم اجتماعهم الوزاري في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية الشقيقة، في إطار التحضيرات الجارية لانعقاد القمة الخليجية المقبلة في مسقط· وينعقد اجتماع اليوم وسط جدل غير مبرر اثاره إعلان وزارة الخارجية الإيرانية عن دعوة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لحضور هذه القمة، على الرغم من تأكيدات مسؤولين في الدولة المضيفة للقمة، أي سلطنة عمان الشقيقة بأنهم لم يوجهوا أي دعوة لأي رئيس دولة من خارج المنظومة الخليجية· إن الذين يقفون وراء إعلان وجود دعوة لنجاد لحضور القمة الخليجية على طريقة الضيف الذي يريد فرض نفسه مدعوون لوقفة مساءلة وصراحة مع النفس، يثور معها التساؤل حول ما جنته دول الخليج من مشاركة نجاد في قمة الدوحة العام الماضي؟· لا شيء تماماً، سوى المزيد من الغرور والصلف والتعنت، والخطاب الاستعلائي الايراني المتشنج ذاته منذ الحقبة الشاهنشائية· لقد أطلقت دول الخليج العديد من اللفتات والمبادرات التصالحية، وخاصة من دولة الإمارات المعني الأول بالاحتلال الإيراني لجزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى، ومع ذلك لم تلق سوى المزيد من المكابرة وتكريس الاحتلال في هذه الجزر الإماراتية، ولعل أحدثها ما قامت به طهران من افتتاح مكتبين في جزيرة أبوموسى، في تجاوز ومخالفة صارخة لمذكرة التفاهم المبرمة في نوفمبر من العام 1791، والتي تعتبرها الإمارات سارية المفعول باعتبارها تنظم مسألة وجود قوات ايرانية على الجزيرة، على الرغم من العبث الذي يقوم به الجيران على الضفة الأخرى من الخليج العربي، لتغيير ديموغرافية الجزر الإماراتية في مسلك لا يختلف كثيراً عما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلية في المدن الفلسطينية من مشروعات استيطانية، وبالاخص القدس لتغيير هويتها العربية· كما أن على الذين يروجون في دهاليز الخارجية الإيرانية عن وجود دعوة لنجاد لحضور قمة مسقط أن يعووا أيضاً أن هذا الأمر ليس لفتة شرفية أو بروتوكولية كدعوة أمين عام الأمم المتحدة أو منظمة المؤتمر الإسلامي يعود فقط للدولة المضيفة، وإنما ينبغي أن يكون منطلقاً من موقف موحد باتفاق الدول الأعضاء، خاصة أن الضيف المعني تحتل بلاده أراضي دولة من الدول المؤسسة للمجلس، وشهدت عاصمتها ميلاد هذا المجلس في العام 1891· إن التعامل الخليجي مع إيران يجب أن يتخذ منحى جديداً مع استمرار رفض طهران لكل المبادرات التصالحية والنهج المتسامح لدول الخليج معها، وهي تصر على عدم تسوية ملف احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وهو الملف الذي سيظل يعكر صفو علاقة الجيران بين ضفتي الخليج العربي· كما أن المجلس الذي استطاع الثبات وسط كل الأنواء مدعو اليوم لإيجاد صيغ وآليات جديدة أكثر فاعلية وديناميكية لتنسيق المواقف، بدلاً من التسريبات والمواقف التي تبدو متضاربة، والتي قد ترسل إشارات سلبية عن وجود انقسام داخل السفينة الخليجية الواحدة، هذه السفينة التي عبرت وسط تقلبات وعواصف وزلازل المنطقة بكل تماسك وثبات وقوة بفضل من الله وحكمة ربابنتها قادة دول المجلس· ومن هذه الزاوية نتطلع لاجتماع وزراء خارجية المجلس اليوم في جدة، ونتطلع إلى مواقف واضحة وموحدة وأكثر تقدماً في وجه استمرار الاحتلال الإيراني لجزرنا الثلاث، هذا الاحتلال الذي تكرسه طهران على الرغم من كل الأحاديث والشعارات التي تظهر على الشط الآخر من الخليج بين الفترة والأخرى، وفي لحظات عودة الوعي عن حسن الجوار والثقة المتبادلة والمصالح المشتركة ، ولا بد من وقفة تضع النقاط فوق الحروف·