غائب عنا، حاضر فينا، نذهب به ومعه وإليه بعيداً في الرشد والصدق ومعاني الرجال، ليعلمنا الكثير من الوعي، والمزيد من حكمة العقل، وصمت العطاء، وقيمة الرخاء، وصدق الانتماء، نذهب به ومعه عميقاً في الأشياء: في الوطن، في الإنسان، في الصحراء، في الساحات الخضراء، في البوادي وسكانها الباقين، في المدن وكل التضاريس التي تجعل من الإمارات سكناً للقريب، وموئلاً للصديق، ومأمناً للغريب. نحفظ ولا نتذكر فقط، أن زايد الخير مستمر في خليفة الخير، وفي عضيديه محمد عن يمينه، ومحمد عن يساره، يحلق بهما، ويرسل أحلامه معهما، وإن لزم خطب لا يقي العين إلا ما لزمت اليد اليمين أو شملت اليد الشمال، وكل أبنائه، وكل أولاده نحن المخلصين، المحبين لوطننا وأمتنا، والمحافظين على قيمنا وتقاليدنا، التابعين وصاياه، وقطائف من حكمته الأبوية، واليوم كلما قام صرح جديد، تذكرنا اليد الأولى التي بنت، وتذكرنا صبر الرجل الأول على الأشياء والناس، وتذكرنا تعبه وكده وحلمه البعيد، تذكرناه ففرحنا بالمنجز، وعيت دمعة في العين تبكيه! كان يحبنا، كما يحب الخير.. ونحن اليوم نحفظه لا نتذكره فقط.. نحفظه في ازدهارنا وتطورنا، وبنياننا الشامخ، ونهضتنا الحضارية والعمرانية، وبقية أحلامنا بصنع إنسان جميل، وطن أكمل، ومستقبل أجمل. اليوم وبعد مرور خمس سنوات على الغياب، الإمارات أكبر، وأمتن وأقوى، لكنها تتذكر، وأبوظبي أرحب وأجمل وأكبر، لكنها تتذكر، فللرجل حق، وعلى البلد والعاصمة واجب، كان يحب البلد، ومن سكن فيه، ويفخر بالعاصمة ومن استوطنها، فحمى البلد، وحاطه بهدب العين، وظلل عاصمته بالخضرة والشجر، وغرس الناس الطيبين! نحفظ زايد الذي كان يحبنا، كما يحب الخير، في كتبنا المدرسية، وجامعاتنا العامرة، وأشجارنا الباسقة، نحفظه في طلع أبنائنا، وابتسامات أمهاتنا، ودعوات جداتنا، وابتهالات المصلين، الشاكرين، من عرفه من بعيد أو ارتبط به من قريب أو تذكره كأحسن ما يتذكر الرجال الرجل النجيب. ونحن كما علمنا أن الثروة بالرجال، وليست بالمال، ورجاله على العهد باقون، ولوطنهم منتمون، فإماراتنا بخير، بالعلم والعمل، فالعلم طريق الأجيال والعمل موطئ قدم الشباب في وطنهم. نحفظك أيها الراحل.. لا نتذكرك فقط، فالتذكر يذهب ويعود، وما نحفظ من صورتك البهية، وأياديك البيضاء، وسماحة وجهك، وتواضعك في كل الأشياء، يجعلك باقياً فينا.. ذاهباً عنا.. لكن إلينا، وكما أحببتنا كما تحب الخير، تبقى أنت تاج الحب، وعطر الخير!