يحتفل العالم اليوم بمرور 125 عاماً على ولادة الشاعر والرسام اللبناني جبران خليل جبران· وجبران هو من أكثر الشخصيات الإبداعية الشرقية شهرة في العالم· بدأت شهرته تشيع وتتسع منذ العام 1925 وهو تاريخ صدور كتابه ''النبي'' بالإنجليزية عن دار نشر أميركية هي دار كنوبف التي يملكها الناشران ألفرد كنوبف Alfred Knopf وزوجته بلانش، في حينه أخذت الموجة الجبرانية تنداح وتتسع في الولايات المتحدة الأميركية وفي الدول الأوروبية فضلاً عن البلاد العربية والشرق على العموم، و''النبي'' من أكثر الكتب مبيعاً في جميع لغات العالم الحية حتى يومنا هذا· يضارع في انتشاره الكتب المقدسة ويقرأ مثلها في الأماكن والحدائق العامة· والسبب عمقه وشموله وتلك النبرة التي تكلم بها جبران وكأنه نبي من أنبياء العصر القديم· يقول: ''لو مسّ لهيب تنهداتي الأشجار لتحركت من ذاتها وغادرت أمكنتها''· وهو كشاعر شبيه بسديم متراكب العناصر محتدم ويشمله غموض شفاف· وطالما استبدت بكتاباته استعارة الجنون، سواء تحدث عن الحب أو الثورة أو الإيمان الديني أو الكفر·· ولمفردة الجنون في نصوصه وجوه ورموز واحتمالات·· كما ان الضبابية والعري وجموح المخيلة هي أسس رسومه وخطوطه في التصوير· وأسلوبه في الأمثال التي ترد في ''النبي'' و''رمل وزبد'' و''السابق'' مأخوذ من سفر الامثال في الكتاب المقدس· وهناك صلة تربطه بنيتشة· يقول جبران في ''النبي'' إنه ''فجر يومه'' أو ''فجر لذاته'' بينما يقول نيتشة في كتابه ''هكذا تكلم زرادشت'': ''أنا الديك الصائح ولما يزل الظلام منتشراً على الطرقات''· الإبداع الجبراني موسوم بالغنى وطبقاته تدور على ذاتها· إنه كما وصفته المستشرقة الإسبانية كارمن برافو ''عنصر ووعاء في آن واحد''·· وزمن جبران زمن ديني· زمن مطلق وللمخيلة والأحلام فيه دور وافر، لذلك استعمل في رسومه الخطوط أكثر مما استعمل الألوان· ورسومه للوجوه PORTRAITS التي برع فيها عبارة عن خطوط منحنية ومتداخلة ومغبشة وغالباً ما تظهر انطواء الوجه على حزنه وأحواله الداخلية، من خلال انحناءة الوجه أو انكسار النظر· في شخصية جبران كما في سلوكه وإبداعاته غموض وإغراء باكتشاف الأسرار الجبرانية، وقد سعى باحثون وكتاب الى ذلك من طرق متباينة· لقد سعى اسكندر نجار مثلا في كتاب جديد بالفرنسية صدر له بعنوان ''أوراق جبرانية'' الى أسلوب نشر وثائق جديدة عن الرجل من بينها رسائل متبادلة بينه وبين ناشر كتبه كنوبف وزوجته وبورتريهات لبعض أصدقائه وصديقاته من رسامين وشعراء يكشف عنها الستار لأول مرة· وهو أسلوب أميركي توثيقي لا يسمح بالوصول الى الكثير من الاستنتاجات· وتبقى إبداعاته المختلفة وكتابات بعض أصدقائه المقربين عنه مثل ميخائيل نعيمة والرسام اللبناني يوسف الحويك، وكتاباته هو عن بعض أحواله الذاتية السبيل الأقرب للوصول إلى بعض أسراره·