السبت الماضي كان كشك تسديد فواتير الكهرباء والماء التابع لشركة أبوظبي للتوزيع في كارفور المارينا مغلقا· ويبدو ان حارس المكان مل من كثرة اسئلة المراجعين، فوضع ورقة كتبت بعربية ركيكة وانجليزية أوهن تقول ''ان المكان مغلق لأن ''السيستم'' معطل'' و''خربان''، وذات الشيء في فرع كارفور شارع المطار· وتلك ليست المرة الاولى التي يعطل فيها ''سيستم'' جهة مداخيلها بمئات الملايين من الدراهم، ومع ذلك لا يوجد لديها نظام دعم يوفر على المراجعين الوقت ولا يهدر اوقاتهم في العودة من جديد لسداد فاتورة· والغريب ايضا ان ''السيستم'' لا يتعطل الا في يوم الاجازة!· في اليوم التالي ذهبت الى مركز الشركة في مدينة زايد فوجدت طوابير طويلة امام منافذ السداد التي كانت لا تعمل بكامل طاقتها، وتكدس الجمهور أمامها نتاج طبيعي من نتاجات تعطل ''السيستم''· وما جرى يحدث في جهات عدة تعتمد الكمبيوتر، ويطالعنا المسؤولون فيها بتصريحاتهم الوردية عن سرعة إنجاز المعاملات، ولكن لا يكاد يمر يوم دون ان تسمع العبارة الشهيرة ''السيستم معطل''، او الكمبيوتر ''علق''· حتى المصارف لا تسلم اجهزة الصراف الالي التابعة لها من هذه الحالة خلال فترة صرف الرواتب· لدرجة ان الكثيرين ترسخت لديهم قناعة بأن هذه الاجهزة تتعطل وتتعطل معها مصالح الناس بفعل فاعل· وهناك من الدوائر والجهات من تجد أن أنظمتها الالكترونية تعاني حالة من ''الأنيميا'' الحادة في المعلومات أو تحديث البيانات بسبب تقاعس موظف عن إدخال المستجد في المعلومات، ولعل أكثر الأمثلة الصارخة في هذا المجال ما يجري في دوائر الجنسية والإقامة وكذلك المرور· تذهب إلى الجوازات فيقول لك الموظف إن معاملتك عليها ''بلوك''، ولمعرفة ''البلوكر'' عليك دفع عشرة دراهم لكشف المستور، فتدفع صاغرا لتكتشف أن المتسبب موظف سها عليه قيدك في سجل العائدين إلى البلاد، أو تجد شخصا قد كفلته في الغابرين، وعاد إلى بلاده وربما انتقل إلى الدار الآخرة، ولكنه لا زال حيا يرزق في سجلات الإدارة على كفالتك، ولتبدأ رحلة إخراجه من القيود التي قد تتحول إلى متاهة و ''طلعة ونزلة'' لولا سعة صدر وبشاشة بعض الضباط الذين يتندرون أيضا على ''السيستم'' الذي جعل من إنسان أمامهم بشحمه ولحمه ''خارج الدولة''· وذات العلة انتقلت إلى بعض دوائر المرور التي تصر على تسجيل مخالفة رادار بحقك، رغم أن الوقت واليوم الذي سجل كنت فيه بعيدا مئات الكيلومترات، وعليك دفع العشرة دراهم أولا للكمبيوتر حتى يكشف عن سر مخالفة الغفلة تلك، وبعد رحلة في الدهاليز، يرمى الحق على الكمبيوتر الاعمى الذي لا يميز بين لوحات الإمارات· ورغم كل هذه النقلة الكبيرة في الأداء التي تحققت في العديد من الدوائر الحكومية بعد أن تم ''أتمتتها'' إلا أن الكثيرين من هواة التعقيد يكنون عشقا كبيرا للورق، وبسبب ذلك العشق أصبحنا في المركز الأول بالمنطقة استهلاكا للورق· وذات مرة اتصل بي صديق يحدثني مستغربا عن طلب جهة له معاملة تخصه شخصيا منه أن يقدم صورا عن شهادة وفاة جده ووالده بينما ملفه لدى تلك الجهة يزخر بصور حتى عن شهاداته في المرحلة الابتدائية!!· والمبرر أنها بيانات يطلبها ''السيستم''، وعاش ''السيستم'' الخارق الذي أثبت انه صاحب ''مزاج عال ومكلف''!·