الحل الذي توصلت إليه شركة أبوظبي للتوزيع ''أدنوك-فود'' بوقف بيع الديزل في محطاتها داخل مدينة أبوظبي، يندرج ضمن الحلول الارتجالية لأزمة قائمة، ومعه يبرز تساؤل عن ذنب شخص تعمل سياراته بالديزل ليُطلب منه التزود به من مصفح مثلاً؟!· والقضية أولاً وأخيراً تتعلق بانتشار وتوزيع محطات الشركة داخل مدينة أبوظبي، والنقص الحاد فيها قياساً للمدينة التي نمت وتوسعت، بينما الشركة تتفنن في تصميم محطاتها ضمن حيز مخصص لها منذ أكثر من ربع قرن· وحتى هذا التصميم الجديدة سقطت عند أول اختبار، سواء في أزمة الديزل الحالية أو إذا ما جرت أعمال بناء في الجوار منها· ولعل أوضح مثال على ذلك الأزمة القائمة عند المحطة الواقعة بجوار فرع ''اتصالات'' في شارع المرور، حيث جرى سد منفذ الخروج بسبب إنشاءات برج جديد هناك· وتتصاعد الأبواق وقت الذروة كلاً يستعجل الخروج الذي يتطلب الاستدارة في حيز ضيق، ويجد البعض من سائقي المركبات الكبيرة نفسه كما لو أنه يخوض ''تراي'' المرور والجميع يراقب مهارته في المناورة بالسيارة ليخرج من المحطة التي تسببت في العديد من الحوادث جراء اصطفاف الحافلات والشاحنات بصورة كثيفة انتظاراً للديزل، وكذلك بقية السيارات للتزود بالوقود· وحتى هذا الحل الذي لجأت إليه الشركة بالاكتفاء ببيع الديزل في محطتين من أصل 23 محطة تابعة لها في أبوظبي، وفي غير ساعات الذروة، سيقود إلى المزيد من الازدحام والاكتظاظ في هذه المحطات، ولن يكون حلاً لأزمة تتعلق بهذه المحطات حتى قبل ظهور مشكلة الديزل· وقد جاء هذا الإجراء من جانب الشركة تنفيذاً لمطالبة من إدارة مرور العاصمة في وقت سابق من الشهر الحالي، إثر تفاقم أزمة الديزل، وهي أزمة مفتعلة في العاصمة، وعلى مستوى الإمارة التي استقر فيها سعر الديزل عند مستوى 8,6 درهم للجالون الواحد مقابل 19,25 درهم في بقية المناطق· وهي مفتعلة لأنها (أي الأزمة) فتحت الأبواب لتهريب الديزل، ولا يحتاح المرء أن يتحول إلى'' المفتش كولومبو'' لكشف هذا التهريب، فقد كان واضحاً للجميع· ومن جراء لهفة بعض الجشعين ومنتهزي الفرص لتحقيق أرباح سريعة في فترة وجيزة، ألغى هذا البعض التزامات القطاع الذي يعمل فيه، وتحول إلى تهريب مادة تبيض له ذهباً إذا ما ابتعد بها مسافة مئتي كيلومتر· وطالما أن الشركة تعيد النظر حالياً في تصماميم محطاتها، فالأولى بها أن تعطي قضية التوسع السكاني، وما يرافقه من ارتفاع في أعداد السيارات، الاهتمام والأولوية اللذين تستحقهما، فليس من المنطق إقامة محطات تكتشف معها الشركة، بعد أقل من عامين على إنجازها، أنها لم تعد تلبي احتياجات المترددين عليها، إلا إذا كانت الشركة ترى الأمر عادياً، ويندرج ضمن برامج تغيير ديكورات تلك المحطات· وقبل هذه الأزمة كنت قد اتصلت بالإخوان في الشركة حول النقص الحاد في محطات الوقود، وسمعت منهم أنهم بانتظار قرار من سلطات الإمارة لمنحهم المزيد من الأراضي لإقامة محطات للخدمة· والجمهور معهم ينتظر على أمل أن تظهر محطات جديدة تستوعب التوسع والنمو المضطرديْن لمدينة أبوظبي، وحتى ذلك الوقت ندعو الجميع للصبر· وكل من يتردد على محطات الشركة داخل مدينة أبوظبي، يجد أن الخيارات أمامها فعلاً غدت محدودة وسط هجمة بناء الأبراج، ويبقى أن تدرس الشركة فكرة خدمة توصيل التزود بالوقود إلى المنازل!!·