يبدو أن الإنسان مغرم أبداً بالعودة إلى البدايات،؟ ؟خصوصاً كلما تباعد عنها،؟ ؟ومضى به قطار العمر إلى ما زاد المسافة بينه وبينها بعداً،؟ ؟يكاد؟ ؟يدخلها في دائرة النسيان،؟ ؟ولكنها تتأبى على النسيان،؟ ؟وتظل تضيء في الذاكرة كالميناء الذي؟ ؟يذكّر البحارة بنقطة الانطلاق،؟ ؟أو نقطة الوصول بعد الحركة الدائرية التي مهما تباعدت عن البداية فإنها تحن إليها،؟ ؟وتظل تنجذب إليها،؟ ؟كما لو كانت جبل المغناطيس الذي لا؟ ؟يكف عن جذب السفن إليه،؟ ؟أو الحب الأول الذي لا تبهت ذكراه،؟ ؟ويظل يشع في الفؤاد والذاكرة،؟ ؟مؤكدا ما قاله أبو تمام؟:؟ نقّل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول كم منزل في الأرض؟ ؟يألفه الفتى ؟ ؟ وحنينه،؟ ؟أبدا،؟ ؟لأول منزل وأنا من أتباع أبي تمام،؟ ؟أحن دائماً إلى البدايات،؟ ؟وأرى فيها البذرة التي تتبرعم مع الأيام،؟ ؟وتثمر الأفرع والأغصان التي تتشكل منها شجرة حياة كل إنسان من البشر،؟ ؟سواء في خصوصيتها،؟ ؟وحنينها الأزلي إلى نقطة الابتداء التي تعادل نقطة الانتهاء؟· ؟ولعل حنيننا إليها هو حنين العودة إلى الرحم،؟ ؟الطفل الذي كنا إياه،؟ ؟وضاع منا في؟ ؟غمرة الحياة ومشاكلها في عالم البشر المسرعين الخطو نحو الخبز والمؤونة،؟ ؟أو المسرعين الخطو نحو الموت،؟ ؟إذا استعرت شعر صلاح عبد الصبور؟· ؟والبداية وعد ما،؟ ؟إرهاص بشيء،؟ ؟بشرى بما هو آت؟· ؟ولذلك تظل بمثابة الحلم والرحم والأمل الذي؟ ؟يتولّد كالبذرة،؟ ؟ويتفرع كالشجرة،؟ ؟ماضياً في كل اتجاه،؟ ؟لكن بما لا؟ ؟يفصل بينه وأصله الذي؟ ؟ينطوي على كل ملامح التغير المحتومة،؟ ؟لكن التي تظل موصولة بأصلها وصل الأغصان بالبذرة التي تفرعت منها الشجرة؟· ؟ولذلك؟ ؟يشدنا دائماً الحب الأول الذي أدخلنا في دوامة من السحر التي لم نكن نعرفها من قبله،؟ ؟ودوامة الخجل الممزوج برغبة الاكتشاف التي؟ ؟يحتجزها عجز؟ ؟اللسان عن التعليق،؟ ؟إدراك أننا قد دخلنا أول عهد الرجولة وأول طيوف المحبة التي تشدنا إلى المحبوبة،؟ ؟ولكنها تخرسنا في حضرتها،؟ ؟فلا نملك سوى الفأفأة والمأمأة،؟ ؟اختلف ذلك كله في هذا الزمان الذي أدخل الحب إلى الفاكس والإنترنت ورسائل الموبايل التي أصبحت بديل اللسان المحتبس وعلامة العصر التي أضفت تكنولوجياته على الحب زمناً جديداً وجسارة لم تكن موجودة أو معهودة من قبل؟· ؟ مؤكد أن الحب فارق الكثير من هالته السحرية مع تدخل الآلة،؟ ؟لكن؟ ؟يظل لفعل الابتداء هالته ووعوده الوردية الملازمة التي لا تنسى؟·