هل نحتاج الهدوء بين فترة وأخرى، هل الاجازة محطة استراحة من الضجيج أو هي مشروع لضجيج آخر؟ كلنا نحتاج الى التغيير والجلوس لفترة قصيرة أو طويلة مع النفس، والرحيل الى بيئة جديدة أخرى، أو آفاق وبرنامج حياتي مختلف، لا لشيء سوى لنعود الى حياتنا المعتادة ونحن أكثر شوقاً وتجديداً، حتى نبعث فيها حريقا جديدا ونبني فوقها هرما من جليد حتى نمضي في دربنا الطويل· ولكن هل يوجد وقت للاستراحة من القراءة والكتابة والانعتاق من دوامة تسويد الورق بالحبر أو حتى الانعتاق من الثرثرة في الأماكن الخاصة والعامة والمقاهي والطرقات· كل فرد يحتاج بالتأكيد لقلب الطاولة على الوقت ولمشاغبة العادي والمتكرر من روتين الحياة، وآه من هذه الحياة التي تمضي سريعاً وتأخذنا بعيداً جداً من أنفسنا وأحبابنا والأصدقاء· في فترة التأمل والهدوء، حاول ان تتذكر كم من أشياء جميلة مضت دون ان تتريث أو تُمهل المتعلق بها وبجمال أحداثها، قد مضت سريعاً أو غابت تماماً، وكم شيء جديد جاء بغتة وسرح بنا بعيداً وأعمى بصيرتنا أو خدعنا باقتحاماته الأولى الجميلة قبل أن يصبح أمراً من الصبر، وفي ظل هذا وذاك القادم الجديد والراحل الجميل أو العكس، سقطت أحلام جميلة وجاءت أحلام جميلة، امتزج هذا بذاك حتى أصبحت تجاربنا مسارات طويلة من التجارب اختلط فيها الحلو بالمر أو أحدهم طرد الآخر·· يأتي الأحباب أو يرحلون مثل فراشة حطت أو طارت من فوق زهرة، والفراشة والزهرة شيئان في غاية الرقة والجمال وهما عنوانا الحياة· تطير الفراشة بعيداً دون ان تلحق بها وحتى ان لحقت بها فإنها رقيقة جداً لا تقوى على الامساك بها بقوة، فقد تتفت أجنحتها بين أناملك، والزهرة جميلة وزاهية الألوان وعطرية الرائحة، رقيقة أيضاً وجميلة ولكنها تذبل سريعاً، ولذلك لا بد ان تزرع كثيراً من بساتين الازهار والورود حتى تظل الحياة مزهرة، وعلينا ان نذهب الى الحقول والبساتين الخضراء والمدن الخضراء حتى تظل الأحلام مشتعلة وحاضرة، وأيضاً علينا ان نبحث عن اسراب الفراشات ونحلم لتظل الحياة متجددة، والتجديد هو البحث عن روح مشرقة جديدة، اذا كان لديك السبيل لهذا التجدد واجازة فأبعد عن هذا الضجيج، أما حياة الدنيا هذه فإنها فانية ولا تستحق لحظة ألم، أبحث عن الفرح أينما كان·