أصبح بعض أولياء الأمور في حيرة من أمرهم، بخاصة هؤلاء الذين لديهم أكثر من ابن وابنة والذين يدرسون في مدرستين خاصتين، إحداهما قبلت بقرار وزارة التربية وأجلت الدراسة إلى ما بعد رمضان متماهية مع حشر المدارس الحكومية، أما الأخرى من المدارس فقد صامت عن القرار وأرادت أن تغرد خارج السرب، وتسبح بعيداً عن قوارب المدارس الحكومية وبعض الخاصة.. قرار التربية بتأجيل الدراسة إلى ما بعد العيد صائب ويحقق الكثير من الأهداف الاجتماعية والتربوية كونه أراح الناس طلبة وأولياء أمور من عشرة أيام متبقية من شهر رمضان لا تسمن ولا تغني من جوع، ووزارة التربية عندما اتخذت هذا القرار الذي أفرح وأسعد العائلات تعلم مدى أهمية ألا يكون التعليم تجنيداً إجبارياً ولا الطلبة عمال مناجم، أو من يقضون عقوبات شاقة لذلك، حتى تماهت مع التربية الحديثة وحققت المراد. ولكن هذا القرار الرائع كان ينقصه قرار آخر يتبعه ويحقق منافعه، ألا وهو التنسيق مع إدارات المدارس الخاصة ووضعها ضمن الدائرة التعليمية المنشودة، والاتفاق مع هذه الإدارات على قرار واحد لا ثاني له، فأما التناسق مع المدارس الحكومية أو السير بعيداً عن قرارها، ولكن بقرار يجمع جميع المدارس الخاصة. لأن المسألة لا تتعلق بخصوصية الإدارات وقراراتها بل هو متصل بعلاقة هذه المدارس الخاصة مع أسر لها همومها وشؤونها وشجونها. فالمدارس الخاصة التي ابتعدت عن قرار الوزارة واتخذت طريقاً آخر، ألبت مشكلات ومصاعب جمة لكثير من الأسر، التي ينتمي أبناؤها إلى أكثر من مدرسة خاصة فلا أدري كيف سيتعامل أولياء الأمور مع طفل يدرس في مدرسة خاصة قررت مديرتها أن تزاول الدراسة في بداية الشهر التاسع، أي قبل العيد بعشرة أيام بينما أشقاؤه أو أقرانه يغطون في نوم عميق بعد سهر طويل حتى أذان الفجر. فالأطفال لهم لغتهم وأفكارهم ومفاهيمهم غير التي لدى الكبار. الأطفال لا يسيرون بالريموت كونترول ولا قوة في الدنيا تستطيع أن تقيد رغبتهم في تقليد سواهم من الأطفال. إذاً في العشر الأواخر من هذا الشهر سنشهد معارك ضارية بين أولياء الأمور وأبنائهم وسوف يشتد وطيس الصراخ والزعيق وأحياناً الضرب عند بعض القساة، وقد تتطور الأمور لتتشعب المشكلات بين الأزواج والأمهات هن اللاتي يأخذن النصيب الأكبر من الأعباء وهن اللاتي سوف يخضعن لامتحان بعض المدارس الخاصة والامتحان عسير والصبر قد يكون أمرا من الصبر والفرحة بقدوم الشهر الكريم قد يتبعها غم وهموم، ولا سمح الله قد تكبر دائرة المشكلات لتصبح بحجم الجهل الذي تتمتع به بعض إدارات المدارس الخاصة. ما نتمناه أن تهب وزارة التربية وتخرج لنا بقرار مفرح يفيد ويسعد الناس الذين يعانون من تجاهل مشكلاتهم. نتمنى أن تستفيد المدارس الخاصة من قرار وزارة التربية والتعليم وتريح نفسها وتريح الآخرين وتتنازل عن الكبرياء الذي لا تبرره حجة وتعلن قرارها الشجاع بتأجيل الدراسة إلى ما بعد العيد. الدنيا لن تطير في العشرة أيام ودعوا الذين سيأتونكم نائمين إلى ما بعد العيد ليأتوا يقظين وبكامل قواهم الذهنية والجسدية.