بداية نحيي هذا الجهد الكبير الذي تقوم به العديد من البلديات وإدارات الدفاع المدني في الدولة، والاشتراطات المشددة التي وضعتها للترخيص بإقامة الخيام الرمضانية التي دأبت على نصبها الفنادق بالذات، وبعض الشركات والمراكز التجارية. وفرضت غرامات باهظة على أي جهة تتراخى في تطبيق الاشتراطات والمعايير والمواصفات التي حددتها البلدية والدفاع المدني.في وقت يجدر بهذه الجهات التعاون الكامل مع الدوائر الرسمية فهذه الأمور لم تطلب عبثا أو إضاعة للوقت والجهد، بقدر ما وضعت لحماية الأرواح والممتلكات. ولا زالت ماثلة أمامنا كارثة الخيمة التي حلت بالأشقاء في الكويت. بعض هذه الجهات لم تكن تعترف بشيء اسمه وضع مخارج للطوارئ، لأن كل همها منصب على توفير النفقات لتحقيق أعلى عائد ممكن. كما أن معظم تلك الخيام تفتقر إلى أنظمة تهوية لشفط وامتصاص غيوم الشيشة، والداخل إليها يعتقد أن روادها في مسابقة دولية لتوليد أكبر سحابة شيشة. وكأن الخيمة بالنسبة لهم شيشة ولا شيء سواها. وبعض هذه الخيام يتحول إلى قاعات طرب وفرفشة لا علاقة لها من قريب أو بعيد برمضان، وأصحابها يستقدمون خصيصا للمناسبة مغنين وفنانين من الدرجة الثالثة، ووسط غيوم الشيشة والضجيج لا يهم ما يقدم، المهم «ربشة» وشيشة تشغل الرواد حتى اقتراب موعد الإمساك. أما أسوأ التجاوزات التي تجري في الكثير من هذه الخيم، فهي مخالفتها لتعليمات البلدية بعدم تقديم الشيشة لمن تقل أعمارهم عن الثمانية عشر عاما. ولكن الأسوأ ايضا مشاهد العوائل التي تفد إلى الخيم وهي تصطحب أطفالها الصغار والرضع تستقر سحب الدخان في صدورهم من دون ذنب لهم سوى إصرار ذويهم على الخروج بهم إلى هذه الأمكنة. ذات مرة سألني صديق أوروبي ما اذا كانت هذه الخيام من طقوس رمضان؟، فأوضحت له بأنها من العادات الوافدة على مجتمع الإمارات الذي يحرص أبناؤه على الاستفادة من ليالي رمضان بعد أن يفرغوا من العبادات، في تعزيز التواصل الاجتماعي، حيث تتحول المجالس إلى ملتقيات تجمع الأقارب والأصدقاء، ويتم فيها تبادل الأحاديث والموضوعات التي تهم المجتمع وأفراده، بينما أطباق «الغبقة» أو «الفوالة» تتوزع في المكان.وخارجها يمارس الشباب اللعبات المفضلة لديهم. ولكن بالمقابل سألته عن سبب ما ذهب إليه. فقال إن ازدهار ورواج الظاهرة في هذا الشهر بالذات هو الذي يولد الانطباع ليس لدي، وإنما لكل زائر أو وافد جديد للإمارات. والواقع أن الظاهرة متفشية في العديد من الدول الخليجية والعربية، وأطلت برأسها في مدن أوروبية تضم جاليات عربية كبيرة في لندن وباريس وجنيف، ولكن القوانين المشددة لمكافحة التدخين حالت دون أن تتمدد. البعض يتوقع ألا يكون نشاط الخيام الرمضانية هذا العام بذات الرواج الذي عرفته في السنوات الماضية، لأن الهلع من فيروس انفلونزا الخنازير يسيطر على الكثيرين ممن أصبحوا يتحاشون التواجد وسط التجمعات البشرية في الأماكن المغلقة.