عودتنا دوائر المرور والبلديات في العديد من مدن ومناطق الدولة على هبات وحملات تشتد نحو أمر مخالف معين، ثم تتراخى معه حتى يتفاقم لتقوم من جديد لمواجهته في حركة «كر وفر» مع المخالفين. الواقع الموسمي في التعامل مع الأشياء أوجد مقابله حالة من الشعور لدى شرائح المخالفين بأنهم أيضا عليهم تهدئة مظاهر المخالفة حتى انحسار عاصفة الحملة، ومن ثم تعود «إلى حالتها القديمة»!. لدرجة أن هؤلاء اعتبروا أنفسهم متخصصين في فهم سلوكيات المفتشين والمراقبين. اليوم العديد من بلديات الدولة تشن على سبيل المثال حملة على السيارات القديمة المتوقفة في المناطق الصناعية والأحياء السكنية، بدأتها بلدية العين وتبعتها بلديات أخرى في أبوظبي ورأس الخيمة وغيرها. وهو جهد طيب ومشكور لتخليص مناطق المدن الصناعية منها أو التجارية والسكنية من التشويه للجمال الذي يتسبب فيه بقاء هذه السيارات القديمة خصوصا في تلك المناطق، وهي تسحبها وتقوم بتغريم صاحبها وتحمله أيضا كلفة السحب. ولكن ما ندعو إليه ضرورة المتابعة الميدانية لللقرارات واللوائح من قبل هذه الجهات نفسها، فهي التي تصدر أوامر بمنع إبقاء السيارات المعطلة والقديمة أو المدعومة والمشطوبة في المواقف، ولكن عدم متابعة التعاميم والقرارات غرس في الناس أن الأمر لا مخالفة فيه ولا غبار عليه، وبالتالي يقوم كل من يريد - وبمنتهى الثقة والاطمئنان- بترك السيارة التي يريد التخلص منها في مكان عام من دون أن يكترث بشيء أو يستوقفه أبعاد الأمر. وقبل هذه الهبة كانت البلدية ومرور أبوظبي قد حذرا في مناسبات عدة من أتخاذ المواقف العامة مكانا لإيقاف السيارات المعروضة للبيع. ومع هذا أصبح الكثير من هذه المواقف مناطق «حراج» متنقل لبيع السيارات. وقبل أيام كنت في مواقف قريبة من فرع جمعية أبوظبي التعاونية في البطين، ورغم ازدحام المكان بالمتسوقين لشراء «مقاضي رمضان»، إلا أن أحدهم لم يتوان عن وضع ست سيارات من بين «صالون» ودفع رباعي عارضا إياها للبيع بعضها عليه رقم والأخرى لرقم هاتف نقال ثان، والرقمان لذات الشخص لأنه هو الذي يرد عليهم، يعني أنه «دلال» سيارات!. واكتشفت أنه وضع سيارات في مناطق أخرى في النادي السياحي، وعند مسجد فاطمة الخاجة، لكن الاتصالات لم تكن تنقطع من مختلف المناطق، وهو يرد بسؤال على كل اتصال مستفسرا عن مكان وجود السيارة المطلوبة. واعتقدت أنه ممن يمتهنون «دلالة» السيارات في أوقات الفراغ، ولكن شخصاً آخر قال إن أصحاب معارض السيارات المستعملة ممن لم يكتفوا باحتلال مواقف السكان قرب معارضهم، اصبحوا يلجأوون للمواقف العامة الأخرى من أجل تنشيط المبيعات، بعد أن أدركوا أن حملات الجهات المختصة موسمية، وأن بإمكانهم الاستفادة من فترة ما بين «الحملتين»، والأمر بالنسبة لهم «بيزنس»، أما لمفتشي البلدية فهو مجرد تعميم سيظل ساخنا بعد خروجه من «فرن» الصادر، وسيبرد حتى يؤول إلى النسيان!!.