تنطلق اليوم فعاليات حملة التوعية لتحذير الجمهور من جرائم النصب الإلكتروني التي تفشت مؤخراً، وعلى نطاق واسع، وأصبحت تتخذ مظاهر وصوراً شتى. ويأتي تنظيم الحملة بتوجيهات من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. وتكتسب أهمية خاصة بعد أن اتخذت جرائم الاحتيال والنصب الإلكتروني صوراً متعددة، وتفنن أصحابها في ابتكار الحيل والأساليب للإيقاع بضحاياهم، والأرقام التي ستكشف خلال الحملة، وكما وعدت شرطة أبوظبي، ستحمل الكثير من المفاجآت، وبالأخص لجهة ارتفاع أعداد الأشخاص الذين يتساقطون بسرعة في أحابيل النصابين والمحتالين الذين باتوا يوظفون تقنيات العصر لسرقة ضحاياهم، ممن يسيل لعابهم بسرعة بمجرد التلويح لهم بجائزة نقدية كبيرة، أو مكسب مالي كبير سيعود عليهم بمجرد أن ينفذوا ما يطلب منهم. ستتضمن هذه الحملة التوعوية إرسال أكثر من تسعة ملايين رسالة نصية لمشتركي الهواتف النقالة في الدولة، كما ستتضمن توزيع منشورات وإعلان بيانات وبلاغات صحفية لوسائل الإعلام تتضمن أرقاماً وحالات من جرائم النصب الإلكتروني. والواقع أن هذا الجهد الذي تقوم به أجهزة الأمن، ما هو الا تتويج لسلسلة من المبادرات التي قلت عنها في مناسبة سابقة إنها قلبت تلك المقولة الشهيرة إن القانون لا يحمي المغفلين، وأصبحت أجهزة الشرطة في بلادنا تحمي حتى هؤلاء أيضاً، ممن أغوتهم وأغرتهم الوعود، وانساقوا وراء الرغبة في الثراء السريع من دون أي جهد، وانجروا وراء أكاذيب وسراب صوره لهم شخص محترف في الدجل والنصب والضحك على الذقون. ولا زلت عند رأيي بأنه قد حان الوقت الذي يتحمل فيه أمثال هؤلاء الضحايا تبعات انجرارهم وراء أطماع الثراء السريع بوسائل وطرق غير مشروعة. فمن الذي يصدق ما يرد في رسالة إلكترونية بأن صاحبها محام يمثل عائلة ثرية لقيت مصرعها في حادث تحطم طائرة، وأوصت بأن أموالها يجب أن تمنح لفاعل خير، يقول النصاب إن مواصفاته تتجسد في متلقي الرسالة. وزيادة في الإقناع يرفق الرسالة مع خبر من على موقع إخبارى، وصورة أخرى من قائمة الركاب ومن بينها أسماء أفراد تلك العائلة، وكل المطلوب حتى يصب المال في حسابه الخاص إرسال بضعة آلاف من الدولارات نظير تخليص الأوراق القانونية الخاصة بالأمر!!. وهناك ضحية أنفقت قرابة 90 ألف درهم في مكالمات وتحويل أرصدة لمتصل مجهول أبلغها بفوزها بالجائزة الكبرى وقدرها مليون جنيه إسترليني، دون أن يستوقفها حقيقة عدم اشتراكها أصلا في أي مسابقة!!. ربما كان هؤلاء الضحايا أول خيوط تقود الشرطة والأمن إلى المحتالين والنصابين، ولكن بالمقابل يجب أن يتحملوا مسؤولياتهم، وأموالهم المستردة يجب أن تذهب كلها أو نسبة منها لصالح الأعمال الإنسانية التي تقوم بها الشرطة، كصندوق عائدات مزادات أرقام السيارات التي تنظمه شرطة أبوظبي، كي يشفوا من أحلام اليقظة وأوهام الثراء السريع من دون اجتهاد وكد وعمل.