ليس سراً أن الكرة السورية بشكل خاص والرياضة بشكل عام تعيش أزمة حقيقية هذه الأيام، ولن أبالغ إن قلت إنها الأزمة الأسوأ في تاريخ هذا البلد، فالقيادة حلت الهرم الرياضي الأول متمثلاً بالاتحاد العام، وهنا لامسؤولية خارجية على اعتبار أن الأمر داخلي، والقيادة عينت لجنة مؤقتة برئاسة العميد (العنيد) فاروق بوظو والذي يعرف دهاليز وخبايا الاتحادين الآسيوي والدولي وهو الذي غير بعض قوانين لعبة كرة القدم، فكان قراره الأول كرئيس للجنة المؤقتة هو حل أتحاد كرة القدم، ولكن يبدو أنه لم يحسب حساب عناد الرئيس (المنتخب) الدكتور أحمد جبان والذي رفض قرار اللجنة المؤقتة على اعتبار أنه يخالف المرسوم الرئاسي (رقم 7). القيادة السياسية حاولت إيجاد المخرج الذي يقي الكرة السورية قرار التجميد الدولي فعقدت اجتماعات ماراثونية وما زالت تعقد حتى الساعة لقاءات مع بوظو والجبان، ولكن الأول يقول إنه لن يلحس قراره حتى لو استقال، والثاني لن يقبل قرار الحل ولن يستقيل لأنه يرى أن في قرار الحل نفسه إجحافا وظلما ونية مبيتة (للنيل منه شخصياً ومن أعضاء اتحاده ومن إنجازاته)، والاتحادان الآسيوي والدولي يعترفان بالجبان ولا أحد سواه. والمشكلة أن رائحة فساد الكرة السورية صارت أشهر من فساد الإيطالية خاصة بعد لجان تحقيق صغيرة وكبيرة وسرية وعلنية وقرارات بحل أندية وشطب أشخاص، ولكن تقرير اللجنة العليا الذي تم تسريبه السبت الماضي يدين رئيس الاتحاد بشكل غير مباشر وثلاثة من أعضائه بشكل مباشر ويطالب بفصلهم من الرياضة لأنهم حسب تسريبات التقرير متورطون في الفساد لآذانهم، ولكن أحد أعضاء لجنة التحقيق العليا يرفض التوقيع على قرارات اللجنة التي كان عضواً فيها لأنها حسب تعبيره (كيدية وغير محايدة وانتقائية). وحتى الآن ما نحن متأكدون منه أن هناك فسادا يجب القضاء عليه، لأنه أساء لكل مفاصل الرياضة في سورية وأساء لسمعتها ولأنديتها خاصة في ظل حديث عن تورط ثلاثة أرباع الأندية في بيع وشراء وتغيير نتائج مباريات أثرت طبعا على الهابطين (الذين لن ولم يهبطا)، والأكيد أن مشروعية تتويج الكرامة باللقب هي الأخرى باتت ضمن دائرة التساؤلات، واللجنة العليا في تقريرها (المسرب) تقول إنه كان على الاتحاد ألا يعلن تتويج البطل قبل ألإعلان عن نتائج تحقيقاته، وهو أمر أراه جداً معقول، فكيف ننتظر التتويج ثم نعلن عن نتائج تحقيقات بالفساد، وكيف نحاسب مثلاً البائع ونترك الشاري الذي هو شريك أيضا في الفساد؟ طبعا أنا مواطن مثلي مثل غيري لا يعرف أين هي الحقيقة، ولا من هو المتسبب بالفساد، ولكن أعتقد مثلي مثل غيري أنه يجب (نفض) الرياضة السورية نفضاً من ألفها ليائها، وهذا لن يكون إلا بقرار جريء حتى ولو تم تجميد الرياضة وكرة القدم، وبئس تلك الرياضة التي تبنى على فساد وعناد ومهاترات ولجان تحقيق، ثم لجان للتحقيق في قرارات لجان التحقيق، والضحية الأولى والأخيرة هو المواطن، ومشجع الكرة وعاشق الرياضة آخر من يعلم وآخر من يهتم أحد بأمره.