تبدأ بلدية عجمان الشهر المقبل تركيب لوحات إرشادية جديدة على الطرق الداخلية، وتلك المؤدية إلى خارج الإمارة، ستكون- كما أعلن- أكثر وضوحاً ودقة من الحالية، بعد تزايد شكاوى الزوار والسكان لكون هذه اللوحات لا تدل أو تعبر عن الأماكن وكيفية الوصول إليها. والواقع أن هذه المشكلة غير قاصرة على عجمان، وإنما تعاني منها الكثير من مدننا على اختلاف إمكاناتها. ففي أحايين كثيرة أصادف زواراً من أقطار خليجية شقيقة يوقفون سياراتهم للسؤال عن اتجاه يفترض أن يكون واضحاً لا لبس فيه للخروج من المدينة. وأحياناً أصادف مواطنين من إمارات أخرى يسألون السؤال ذاته الذي يجعلك تتساءل أيضاً حول أمر هذه البلديات والدوائر التي تصرف المليارات من الدراهم لأجل تعبيد الطرق وبناء الجسور والأنفاق لتكون على هذا المستوى العالمي في هندسة الطرق، ومع هذا لا يولون أمر اللوحات الإرشادية الاهتمام المطلوب. وفي الكثير من الحالات تجد لوحة تشير لك باتجاه، وعندما تصل إلى تقاطع جديد تفقد اللوحة التتابعية للاتجاه المطلوب، ولا تظهر اللوحة التالية إلا بعد أن يكون السائق الجديد على هذا الطريق أو القادم لأول مرة إلى المدينة قد تاه عن خطه، واستوقف أكثر من سائق لإرشاده إلى الطريق الذي يجب أن يسلكه للوصول إلى مقصده. وهناك كثيرون ممن يختصرون على أنفسهم المشوار واحتمالات التيه، بأن يستوقفوا سيارة أجرة ويطلبوا من سائقها أن يسير أمامهم بسيارته حتى يصلوا إلى المكان الذي يريدون وينقدوه أجرته. وفي دبي، وعلى الرغم من الجهد الذي تبذله هيئة الطرق والمواصلات إلا أن الوضع مرير للزائر الجديد للمدينة، وحتى إلى غيره مع التحويلات الطارئة. مشكلتنا في اللوحات الإرشادية غير المتتابعة، وهنا مكمن القصور في اللوحات القائمة كما قلت في الكثير من المدن. شخصياً جربت الطرق الداخلية في المناطق الحضرية الجديدة في ضواحي أبوظبي. المسؤولون عن تخطيط الطرق هناك اعتمدوا على أن لا احد سيطأُها إلا أهلها، وهؤلاء بحكم التعود لا يحتاجون إلى لوحات إرشادية. وقبل أيام كنت أوصل صديقاً من بني ياس إلى الوثبة، وفي العودة أخترت طريقاً من الطرق الجديدة لأختبر قدرتي على الوصول إلى نقطة الانطلاق من طريق آخر، فوجدت صعوبة حقيقية، لأن اللوحات الإرشادية تحدد لك رقم الشارع والحوض، ولوحات أخرى تحدد لك الوثبة الجنوبية من الشمالية، وهو تحديد لا يفيد الزائر القادم لأول مرة. وفي الشامخة والفلاح ومدينة خليفة تجد طرقاً داخلية على أرقى المستويات، ولكن لا لوحات تساعدك على الوصول بيسر وسهولة للبيت الذي تقصد. وهناك بالذات تشعر بالامتنان للاختراع المسمى بالهاتف النقال أو «الموبايل»، لأن باتصال واحد تطلب من مضيفك أن ينتظرك عند دوار محدد لتصل إليه، ويصطحبك إلى دارته، وتساؤل يلح أمامك عن حل قريب يمكن كل قاصد من الوصول إلى مقصده في «خير وسهالة»!