مصابيح تغير من واقع الهدر والتبذير، ومصابيح تنير ولا تسلب حق البلدان في العيش في بيئة طبيعية صحية، بلا ملوثات ولا مكدرات. تأتي الحملة التي أطلقتها جمعية الإمارات للحياة الفطرية والصندوق العالمي لصون الطبيعة وهيئتي البيئة بأبوظبي ومياه وكهرباء أبوظبي خطوة من أجل كبح جماح بعض العقول التي لا تعترف بقيمة المال العام، ولا تلتفت الى أهمية المصالح الوطنية، ولا يعنيها من قريب أو بعيد ما يفسد الحياة الطبيعية، وما يضر البيئة.. وتوزيع مصابيح كهربائية تقلل 800 درهم سنوياً من فاتورة الكهرباء لكل منزل مكون من غرفتين، رقم قد لا يكون مبهراً ولا لافتا لبعض الأشخاص، لكن في المعنى العام يقدم جرساً يدق في آذان الذين لا توقظهم الأرقام، ولا يلفت نظرهم ما يتم إهداره من طاقة، يجب أن تكون رصيداً لأجيال هي في أمس الحاجة إليها. حملة المصابيح هي هبّة وطنية من أجل الإمارات ومن أجل إنسان الإمارات ومستقبله ومصير أبنائه.. بعض الناس قد يغادرون منازلهم في زيارات أو سفر الى الخارج ويفضلون أن تترك الطاقة الكهربائية تعمل بكامل طاقتها، المصابيح تتلألأ، والثلاجات والسخانات والمكيفات، وغيرها من الأدوات الكهربائية ذات النزف الدائم لطاقة كهربائية، إغلاقها توفير للطاقة وحماية للممتلكات من التلف أو إشعال الحرائق. بعض الناس يشعر بالفخر أن يرى بيته كوكباً درياً، لامعاً ساطعاً يحرق الظلام بأنوار كاشفة.. بعض الناس لا يسعده أبداً أن يرى مصباحاً مطفأً في بيته، بل إنه يتوجس من اختفاء النور في زاوية من زوايا المنزل، لذلك فهو لا يبالي إن كان هذا المصباح الإضافي سيكون عبئاً على جيبه وعلى الطاقة المقدمة من قبل الدولة. بعض الناس يخشى كثيراً من ظلام المداخل، فلا تغمض له عين ولا يرجف له جفن إلا بتشغيل كامل الطاقة الكهربائية في المنزل ليشعر أنه في حالة الانتعاش والنشاط والحيوية.. بعض الناس يمارس ضد هذه الثروة الوطنية أسلوب استنزاف وغرف دائم دون مراعاة لما يسببه هذا التبذير من استهلاك وهلاك لطاقة، البلد في أمس الحاجة إليها، وسواه من الناس كذلك.. بعض الناس يعيش ليومه ولا يفكر في المستقبل، ولا يعنيه ما سيؤول إليه مصير الطاقة الكهربائية فيما لو فكر كل إنسان بنفس تفكيره.. بعض الناس يفكر في نفسه ومتعته الآنية، ولا يفكر في أمر الطاقة التي لو سار كل الناس على أسلوبه لنضب المعين وأصبحنا في حاجة كهربائية مضاعفة تكلف الدولة أموالاً طائلة. الطاقة الكهربائية والمائية في بلادنا نعمة يجب الحفاظ عليها ويجب استخدامها كوسيلة لتأدية أغراض الحاجة، لا لأمراض الخدع البصرية.. الطاقة الكهربائية في بلادنا خير من خيرات البلد الكريم، لا يجب أن نكافئ الخير بالجحود ونكران الجميل وإفساد بيئتنا التي تحيط بنا وتحتضننا.. المهملون والمتكاسلون واللامبالون وبالاً على البلد وخراباً لثروتها، ووباء يدمر كل ما هو غالٍ وثمين في حياتنا.. والطاقة الكهربائية هي تيار الحياة وشريانها ودمها، فإن أفسدناها أمَتنا كل ما هو حي وكل ما هو يشيع الحياة في وجداننا.