لعل كلماتنا أمس أقلقت الرجل، وأشعرته بمرارة في الحلق، زادها تذمر زوجته الدائم من شركة الاستثمارات التي تأخرت في تسليمهم شقتهم الجديدة، وخوفها المستمر على ابنها أحمد وأنه يمكن أن يأخذ سيارة ابيه الجديدة ويذهب بها مع أصحابه، شعر الرجل كأن أحداً يطبق على عنقه المتعرق بيد لزجة لزقة بشيء من الحلوى، نظر إلينا وأنا أقهقه على نكتة الزوجة المصون أو واحدة عجوز خيرتها المذيعة مرة ما بين أمنية أن تحصل على زوج أو تذهب إلى الحج هذا العام فقالت العجوز بعفويتها أو ربما بمكرها: يا بنتي .. مكة ما تطير. حاولنا ان نخلق جسراً من الود بيننا وبين الرجل الغاضب من شيء ما غير أن الأمور لابد أن ترجع كما كانت ما يخصنا فيه. - اذا كان خائفاً هذا الصيف من انفلونزا الخنازير أو متأثرا بالأزمة العالمية فهذا يرجع له وما يخصنا. - إذا اشترى (بلاك بيري) وما عرف يتعامل معه وبطاريته ما كانت تتحمل شغل ساعتين فهذا بينه وبين اتصالات وما يخصنا. -اذا واحد غشه وأوهمه بأرباح خيالية مع محافط وهمية وخسر كل ما دونه، فهذا أمر بصراحة بعيد عن نطاق تفكيرنا واهتمامنا وما يخصنا. - اذا تعب من زوجته وسمعها من كلام فلانه ونصيحة علانة، واحدة تقترح عليها عمل بوتكس في لبنان، وأخرى عملية شفط دهون في فرنسا وهو بصراحة تعبان من الانتفاخ في جانب والانكماش في جانب في هيكل زوجته فهذا بينه وبينها وهذا ما يخصنا. - اذا ابنه عنده كل شيء ورغم ذلك فاشل في الدراسة ويكتب أشعار ركيكة وليس أمامه مستقبل واضح ولا يتقن الانجليزية بطلاقة فهذا بينه وبين ولده وهذا ما يخصنا. - إذا كانت إنجليزيته مثل: «بير هابس يس.. بيرهابس نو» ويجد مشقة في الحديث مع النادلة الأسترالية، فهذا.. ما يخصنا! - إذا كان المكيف يضرب «عليباه» وقفاه ورقبته ساخنة مع برودة غير محببة، ونحن بعيدون عن تيار الهواء، و«كوووول» فهذا.. إذا تبون الصدق ما يخصنا بعد! - إذا كان شكله ما زار كندا، ولا استمتع بثلجها، وسمعنا نتحدث عن جبال الألب، ومشاتي غشتاد، فهذا.. ما يخصنا! - إذا صار له هنا أسبوع، وما قدر يشوف شريكه المواطن، أو يتفق معه على موعد صادق، فهذا.. ما يخصنا! - إذا كانت ساعة زوجتي تلق من الألماس، وأعجبت زوجته وأخته، وغضب هو، فهذا أمر.. ما يخصنا! - إذا كان ممن يحبون أن يشاهدوا أفلام الـ«أكشن»، وما عنده تلفزيون «بو شاشة عريضة وكريستال» ولا مركّب نظام صوتي «هوم ثياتر» فهذا.. ما يخصنا! - إذا كان يريد أن يجلس مكاننا قبالة الشاطئ، والأنوار المتلألئة لليل المدينة، ولم يحصل إلا على طاولة في وسط المطعم، فهذا.. ما يخصنا! - إذا لم يكن قادراً على تحمل الرطوبة و«الليَزّ» هنا.. فهذا.. ما يخصنا! - الذي يخصنا أنه كان ينظر لنا بعين غير مريحة، وبمرارة في الحلق، وبوجه مدخن طوال الوقت، ونحن جالسين في «سبحانيتنا» ورغم ذلك ولكي نغيظه، نقول له وبصراحة: ما يخصنا!