كم يتحمل هذا»السيستم» الذي نحمله أي عيب أو تقصير فينا؟، وهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه، لأنه ببساطة لا ينطق ولا يتحدث بما يجري من تقصير أو عجز على يدنا ، ولا نجد أفضل منه شماعة نعلق عليها الإخفاقات أو القصور. وفي كل توجه لاستخدام تكنولوجيا العصر، وتطبيق أنظمة «الأتمتة» تكون الغاية تحقيق أعلى قدر من الانسيابية والسرعة في الأداء، وإنتاجية أفضل لصالح كل الأطراف. إلا في الكثير من دوائرنا حيث يسود الارتباك ويعم الهرج الذي لا نلوم فيه أحداً قدر ما يلام هذا»السيستم» الذي نستمطر عليه اللعنات، ونصب عليه جام غضبنا.ويذهب أصحاب نظريات المؤامرة بعيداً في اتجاه من المستفيد من وراء جلب هذا «السيستم» بالذات، دون سواه من«سيستمات» عالم البرمجيات الفسيح، والجهة التي تصر على «تنصيب» هذا «السيستم» أو البرنامج دون سواه ؟!!. ولكن أصحاب التساؤلات في كل الاتجاهات، لا يتوقفون أمام دور «الأمية الكمبيوترية» التي تضرب قطاعاً كبيراً من الموظفين في إفشال هذا البرنامج أو ذاك. أحدث حالة تابعتها من حالات «السيستم» المُعطل، كان في عيادة «الاتحاد» القريبة من مكاتبنا، وقد كانت مراجعتها لا تستغرق أكثر من نصف ساعة بدءاً من لحظة التسجيل، وحتى صرف الدواء.وذلك منذ أن أنشئت هذه العيادة قبل أكثر من 15عاماً. كنت هناك مؤخرا واستغرق الأمر أكثر من ساعة ونصف الساعة، رغم أن عدد المراجعين لم يتجاوز الثلاثة أشخاص . والسبب كما اتفق عليه كل من كاتب التسجيل والطبيب والصيدلي البرنامج أو «السيستم» الذي بدأت هيئة الصحة في تطبيقه منذ الشهر الماضي في العيادات والمراكز الصحية التابعة لها. حيث يفترض أن يكون التسجيل وتسجيل الأعراض المرضية وصرف الدواء إلكترونياً. ورغم هذه الدورة الإكترونية يلاحظ المراجع أن حجم الورق زاد ولم يقل. ولا أبالغ إن قلت إن الفترة التي استغرقها إدخال البيانات لدى كاتب الاستقبال والصيدلي كانت أطول من الفترة التي يقضيها المريض مع الطبيب الذي وزع بدوره وقته بين الاستماع لمريضه وفحصه وإدخال بياناته. وعندما تتصل لنقل الملاحظات إلى المسؤولين في الهيئة وممثليها في هذه المراكز، تسمع كلاماً جميلاً عن سرعة الأداء،والحد من الأخطاء، وكل هذه المرامي والغايات الطيبة. ويظل وقت المراجع على المحك، رهن «السيستم» والبرنامج الذي يطبق هنا وهناك، ونعلق عليه كل عثرة في الأداء. وفي ورش «التخطيط الاستراتيجي» التي ما انفكت كل دائرة او جهة تنظمها، وتحرص على توزيع أخبارها وصورها على وسائل الاعلام لضمان النشر وبتوسع، يتحدثون عن مكامن القوة والضعف، عند تحليل أي حالة أو برنامج، من أجل الوصول للتشخيص الخاص به، لضمان النجاح عند تطبيقه. ومن الأولى أن يُخضع أي برنامج يتعلق بمصالح الجمهور للتقييم والتجربة لفترة تجريبية قبل طرحه بصورة تفاجئ العاملين قبل المراجعين، وترتد بنتائج عكسية تماما من الهدف المخطط له أصلاً.