تابعنا ما جرى في قضية إخلاء عمارة الخالدية بأبوظبي الخميس الماضي، والتي كانت تأوي ما لا يقل عن الفي عازب، وبعض العائلات. والقضية ليست بالجديدة، وانما تلقي الضوء من جديد على ما تقوم به فئة من السماسرة والمستثمرين بالاتفاق مع بعض ملاك البنايات، وبالذات القديمة منها. من ممارسات لا انسانية تكشف مقدار الجشع والاستغلال الذي يمارس بحق اشخاص محدودي الدخل يبحثون عن مكان يأويهم. وفي حالة بناية الخالدية التي تعد الاحدث في حلقات المسلسل، أختلف المستثمر مع مالك البناية، فلجأ الاخير الى المحكمة التي مكنته من حقه وملكه، وبينما حلقات التقاضي تتواصل بين الطرفين كان المستأجرون ينتظمون في دفع المستحق عليهم، ليفاجأوا بتنفيذ الحكم بالاخلاء لصالح المالك، وهم آخر من يعلم، حتى تم قطع الخدمات عن البناية التي تضم 44شقة، وكان المستثمر يؤجرها للعزاب بالسرير، وليس بالغرفة!!. في صورة من صور الاستغلال التي تشوه الوجه الحضاري للدولة، والتشريعات التي وضعتها لحماية كافة الاطراف. أن هذه الواقعة تدفعنا من جديد الى دعوة السلطات للتعامل بحزم مع هذه الفئة من«مستثمري الغفلة»، وهم يقومون بمثل هذه الممارسات غير الانسانية، بحشر نوعية من المستأجرين حشرا، وتأجير المساحات بالسرير. وهي فئة تضم عائلات عربية وآسيوية أيضا. وقبل هذه الواقعة تابعت ما جرى لبناية قديمة في منطقة النادي السياحي ظلت مهجورة لأكثر من سنة، حتى اقنع أحد المستثمرين إياهم المالك بالاستفادة منها، وفي ظهر احد الأيام جاءت شاحنة مليئة بالأسرة من تلك التي تستخدم في المعسكرات، لتتحول البناية الى مأوى لما لا يقل عن الفي من سائقي سيارات الاجرة القديمة والحافلات الصغيرة، والى جانب الرعب الذي اثاره هذا التواجد الجديد للعزاب، فقد فاقم ايضا من معاناة السكان مع ازمة مواقف السيارات في منطقة تعاني اساسا معاناة كبيرة في المواقف، شأنها في ذلك شأن أغلب المناطق السكنية والتجارية في العاصمة. إن هذه الممارسات تستهين بكل الجهود التي تقوم بها السلطات، وفي مقدمتها بلدية أبوظبي من أجل ان يكون السكن في المدينة حضاريا، وهي تحدد المناطق المخصص إسكان العزاب فيها، وكذلك حملتها الحاسمة في وجه الفلل والشقق المقسمة، وهي التجارة الرائجة لأولئك المستثمرين. وفي حملة واحدة لبلدية أبوظبي مؤخرا حررت 1097إنذاراً في شرق المدينة وغربها. ورغم الحملات والمخالفات التي توقعها البلدية بحق هؤلاء، إلا أنهم لا زالوا ماضين في تحديهم للقوانين والتعليمات الصادرة من البلدية، مما حدا ببلدية أبوظبي أخيرا للتلويح بإجراءات اشد لمحاصرة ممارسات السماسرة الذين تخصصوا في تحويل فلل خصصت لسكنى عائلة واحدة الى ما يشبه بيت الحمام. ونجمت عن هذه الممارسات العديد من المشاكل الامنية والاجتماعية. ونحن في الوقت الذي ننتظر فيه إجراءً حاسما وحازما لوضع حد لممارسات غير حضارية ولا إنسانية، نتمنى تضافر جهود الجميع، كدائرة التنمية الاقتصادية وشرطة أبوظبي للتصدي للأمر.