اعتبارا من خطبة صلاة الجمعة ليوم غد، وكذلك في الأيام والأسابيع المقبلة تنظم الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف سلسلة محاضرات توعوية وتثقيفية للوقاية من أحدث أوبئة العصر. وقد حرصت الهيئة على ألا تزيد مدد فقرات التوعية والتثقيف عن ثماني دقائق لكل فقرة.وهذا دأب الهيئة في التفاعل مع القضايا المطروحة. ويكتسب هذا الأمر أهمية خاصة مع تفشي فيروسH1 N1، والمعروف إعلاميا بفيروس انفلونزا الخنازير، والذي ضرب مختلف مناطق العالم. وسجلت حالات ووفيات من جرائه في العديد من بلدان المنطقة. كما أعلنت وزارة الصحة عندنا عن تسجيل عدد من الإصابات، وخروجها من المستشفى بعد تلقيها العلاج اللازم. كما أن الهيئة وفي إطار التفاعل مع الإجراءات الوقائية التي وضعتها اللجنة الوطنية العليا للوقاية من المرض، تحرص على ألا يكون تواجد أعداد كبيرة من المصلين، ولمدة طويلة وفي مكان مغلق، مدعاة للقلق من انتقال العدوى بين الناس.وعندما أطلقت الهيئة مشروع الخطبة الموحدة منذ سنوات كانت حريصة، ليس فقط على توحيد موضوعها، وإنما توحيد الوقت الزمني المخصص لها، بحيث لا تتسبب الإطالة في معاناة لكبار السن من المصلين، وبالذات أولئك الذين يكونون خارج المسجد، وعندما كان الخطيب المفوه يطيل ويفيض كانت الساحات الخارجية للمسجد تتحول إلى«ساونا» للمصلين الخارجيين. إن هذا النموذج الذي نسوقه لتفاعل خطبة الجمعة مع خطب كهذا الوباء، هو نموذج للتفاعل المأمول، والدور المنشود للمسجد في التوعية والإرشاد، وحفظ الناس من مزالق الغلو والتشدد الذي يريد البعض بها، تقديم رسالة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام للعالم اليوم. ومناسبات خطبة الجمعة تعد منابر للتأكيد على وسطية دين الحق الذي جاء للأمم كافة، حاملا القيم السامية التي أوجزها محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».وإبراز الرسالة الجليلة السامية التي حملها الإسلام إلى العالم، وتوضيح وتعريف العامة بها، وعلى وجه الخصوص الشباب، للتصدي لكل محاولات التشويه والإساءة التي يتعرض لها دين الحق على يد فئة من الملتاثين المحسوبين عليه. ولعل أحدث صورة مرت بعالمنا الإسلامي مؤخرا من صور الغلو والتطرف المجنون ما أقدم عليه المدعو محمد يوسف زعيم ما يسمى بجماعة «بوكو حرام» في نيجيريا أكبر بلدان أفريقيا تعدادا للمسلمين، حيث تسبب في مقتل المئات من الأبرياء، وُقتل هو أيضا بعد مواجهات ومعارك دامية، وضعت ذلك البلد الغني الفقير على حافة الهاوية، من جراء فهم خاطئ وأهوج لتطبيق الشريعة في بلد متعدد الأديان والأعراق والنحل. ومن هنا فإن تفاعل خطب الجمعة مع تحديات وقضايا العصر التي تواجه المسلمين اليوم، تكتسب أهمية خاصة، لا سيما أنها تلعب دورا محوريا وأساسيا في التوعية والإرشاد والتوضيح في هذا الزمن الصعب.الذي يتطلب من المعنيين خطابا متجددا متفاعلا مع جسامة أحداث حولنا، وتحديات دون حصر نواجهها على كل الصعد