تساؤلات مختلفة تطرح نفسها أثناء السير في طرق مكتظة بالبشر، أرى على وجوههم الغضب، الدهشة، الفرح وأحيانا الحزن، يجمعنا طريق واحد ولكن أهدافنا مختلفة، رؤيتنا للوسط المحيط أيضا مختلفة، منا أي نحن البشر من يبحث عن الأنا ومنا من يبحث عن الآخر، ومن الصعب العض على أصابع هؤلاء البشر لأننا منهم، فالعض وسيلة يستخدمها الحيوان للدفاع عن النفس. تلك التساؤلات لعبة نلعبها مع الدماغ لكي يتوقف عن الشك حول البصيرة المتعلقة بالعمران المرتفع والدخان الذي يخنق الهواء من حولنا، لا أبحث عن أجوبة لتلك التساؤلات ولكن أطلب آذاناً صاغية ووجوهاً مهتمة بتلك التساؤلات. أحيانا الصمت أثناء السير بين الحشود البشرية إلى طرق متشعبة، يجعلنا ندرك أهمية الآخر، وأن الحياة بشكل فردي مستحيلة. كما أن تلك التساؤلات تجعل من الفن حدثا واردا، فهو أي الفنان لا يبحث وسط الطرق الفارغة من البشر، بل إنه يستخدم الطرق المكتظة لكي يستطيع تأمل نفسه من خلال وجوه هؤلاء البشر، أثناء عملية التأمل العشوائي حول طريقة مشيتهم وإيماءاتهم وحتى الكلمات التي يتلفظون بها يترجمها الفنان إلى عمل فني يعرض في أكبر صالات العرض ويصاحب كل الفعاليات الثقافية؛ ولا يستحي الفنان من ترجمة ما بداخله إلى الخارج، ذلك أن البشر المتلقين للعمل الفني يحترمون رأي الفنان المثقف والواعي في طريقة طرحه لعمله؛ ودائما ما يكون على الفنان استخدام عنصر الدهشة والتشويق لجذب المشاهد، وليس عنصر التقليد والكذب. التأملات العشوائية تجعلنا نكتشف، حقيقة الواقع من غير مجاملات أو قصص وهمية، فعندما أنظر للآخر بشكل عشوائي، ألتقط الملامح الحقيقية لطريقة تفكيره من غير أقنعة، وأثناء عملية الالتقاط أستطيع رسم المنتج الفني بحيث يتماشى مع الفكر البشري المعاصر والمتأثر بجو التكنولوجيا. تلك المحاولات العشوائية تتحول إلى حقيقة يتفكر بها المشاهد، وتجعل الفنان ذا فكر عميق يذكره التاريخ الثقافي، ويكتب عن عمله النقاد الذين في الواقع يتحدثون بصورة الأنا بدل الآخر. science_97@yahoo.com