*في الليل هناك وجوه بيضاء يغمرها السواد، ووجوه تبقى على حالها، لا هي صادقة كل الصدق، ولا تعتقد هي أن انشراح صدرها يمكن أن يجلب نوعاً من الضرر، ولا الآخر يبدو مقتنعاً، وراضياً كل الرضا، ثمة مساحة من العفو النهاري، وثمة تآمر على النسيان، وثمة أشياء عادة ما يجلبها معه الصحو، وحين يعتدل الرجال في جلستهم! *عندنا وحدنا.. يمكن أن لا يسمح بتخطي تجارب الآخرين شبه الفاشلة، ولكن يسمح لهم أن يعيدوها من باب آخر، ونافذة أخرى، والمغامرة وحدها صوب النجاح، عادة ما تكون مرهونة بطبل وزمر، والتجديد له جنود مدججون يدافعون أن لا يحصل، وله جنود مكشوفون وعُزّل يتمنون أن يحصل! *صديق يغار من نجاح صديقه، وجار يغار من نجاح جاره، ومدرس يغار من نجاح مدرس، وامرأة تغار من نجاح امرأة، ومدير يغار من نجاح مدير، وموظف يغار من نجاح موظف، وهناك شخص وحيد يغار من كل هؤلاء! *هناك أشخاص يخرسهم حقهم، ويخجلهم واجبهم، ولا تسمح لهم مرؤتهم، وتمنعهم كرامتهم، ولا يحبون أن تستصغرهم نفوسهم، ومع ذلك يسمحون لغريب أن يطأ كل هذه المقدسات، ويخرّب بيوتهم! *كان لدى تولستوي حديقة جميلة، وأزهارها ملونة، وكان لتيشخوف حديقة منزل، لا يسمح للعابرين فوقها، إلا كان مطراً جاء في غير موعده، أو سحاباً مثقلاً بالخير، له وللغير، أو فجراً محملاً بالطَلّ والندى، وكان لماركيز حديقة زاهية، كبرت مع زوجته مرسيدس، وفيها تفاصيل كثيرة، وصغيرة، كانوا جميعاً يحبون حديقة منازلهم، ولا يسمحون إلا للقريبة من الضلوع أن تجوس فيها، لكنها كانت أول الخارجين إن حاولت أن تحرق عشب صدورهم! *لا أعرف لماذا يرهقون الطيب بأثقال كلها أذى، وأشياء كلها أحجار ضجر، رغم أنه لا يريد إلا أن يشق طريقه في هجرته الصيفية، ولا يريد إلا ما يريد الطائر المهاجر أن يجمع ما تبقى من السكر المعقود، والذي تتركه النحلة عادة على الزهرة في عجالة أمرها، لا يريد إلا أن يتذوق من تباشير صيف المدن، وضحكها، لا يريد إلا أن يلقي السلام والمحبة على أبواب خلق الله المشرّعة، والتي لن يراها إلا من صيف إلى صيف! *مرة باعني ناسك هندي حكمة، قال لي: خير العلم العمل، وأسمى العمل العلم، وأجلسني بمحاذاته، وقال أبصر، وأعتبر، كان ما أن يفرغ من أدعيته وعبادته، حتى يجلس في موضع صلاته، جلسة القاضي لحاجات المتسوقين، يغمر الناس ببريق من الفرح قادم من هنا أو هناك، يصرّ للمحتاجين كلمات من دفء وحب، ويقول لهم هناك ألف طريق، يبصر الشر في عيون آخرين، فيريهم صورهم في مرآة كفه، فيرون الشحوب والذبول واصفرار الوجه، وثمة دم أزرق متخثر في العروق، وعيون غائرة وبيضاء من العمى، فيضلهم الطريق، ويهديهم على الطريق، كان كمن يضع شوكاً وحجراً للأقدام المهرولة نحو الأذى، وينثر رزاً وما تحمل السنابل تحت الأقدام الساعية نحو الخير، وفعل الحب، ودعني ووضع ورقة بيضاء في كفي، وقال: أكتب بالبصيرة!