خلال الأيام القليلة الماضية أصدرت شركة الخدمات الصحية «صحة» تحذيراتها للجمهور من سوء استخدام بطاقتي «ثقة» و«ضمان»، وما يقوم به البعض من تجاوزات، وهددت بإحالة المتورطين للجهات المختصة. وجاءت تحذيرات وتهديدات الشركة الوطنية التي تتولى ادارة وتشغيل المرافق الطبية من مستشفيات وعيادات تابعة لهيئة الصحة في أبوظبي، بعد أن وضعت يدها على عدد من حالات التلاعب ببطاقات الضمان الصحي من قبل البعض، وفي مقدمة صور ذلك التلاعب استخدام اشخاص بطاقات لا تخصهم، والى جانب كون ذلك انتحالا للشخصية، فإنه يترتب عليه من المخاطر الصحية الكثير، خاصة مع بدء الربط الالكتروني للملفات والسجل الطبي للمرضى. فلكل حالة مرضية الطريقة الخاصة بعلاجها والأدوية والعقاقير التي تصرف لها. كما ان استخدام شخص لبطاقة لا تخصه، كمن يستلب شيئا ليس من حقه. ونحن نشد على يد «صحة» للتعامل بحزم مع أمثال هؤلاء الذين يسيئون استخدام البطاقات الصحية، ندعو هيئة الصحة، وهي الجهة المشرفة والمراقبة والمسؤولة عن الممارسات التي تجري في القطاع الصحي للتعامل بحزم ايضا مع شركات التأمين ايضا، وهي تتلاعب بالمؤمنين لديها. كما لو أنها وثائق تأمين على السيارات لا البشر وصحتهم. فالعديد من الأشخاص الذين يستخرجون وثائق تأمين صحي للضيوف الذين يستقدمونهم للدولة -وكما تشترط إجراءات إدارة الجنسية والإقامة - يفاجأون عند وقوع أي طارئ صحي بأن العديد من العيادات والمستشفيات الداخلة ضمن شبكة مزودي الخدمات الصحية، تتنصل من مسؤولياتها، والبعض يرفض شهادة التأمين ويصر على طلب البطاقة، ويظل المريض الزائر يتنقل من مكان إلى آخر حتى يجد مرفقا صحيا يقبله، أو يختصر معاناته ورحلة التنقل ويدفع بالتي هي أحسن، وشهية عيادات الطب الخاص هذه الأيام -مع حاملي بطاقات التأمين الصحي أو من غيرهم -مفتوحة للبلع، بعد أن تفننت في مبالغاتها طلب المقابل لخدماتها. إن هذه الممارسات التي تقوم بها بعض شركات التأمين، وهي ضمن شبكة مزودي الخدمات الصحية، تمثل إساءة وانتقاصا لتجربة حضارية حرصت الدولة على إتاحتها لزوار البلاد، من أجل أن يشعروا بالراحة والطمأنينة لوجود من يهتم بهم، اذا ما تعرضوا لأي طارئ صحي خلال زيارتهم لها. وعندما وضعت ادارة الجنسية والاقامة شرط توافر الضمان الصحي عند طلب تأشيرات الزيارة أو الإقامة، لم يكن شرطا لمجرد الاشتراط، بل كان توجها لتأكيد حرص الدولة على أن تتوافر مظلة الرعاية الصحية للجميع، وفي كل الاوقات والظروف. ولكن ممارسات بعض الشركات التي اسند اليها الأمر تخالف هذه التوجهات، وتكشف عن نهج استغلالي، لا يحترم ادنى التزام بالوثيقة الصحية التي أصدرتها للمستفيد، وهو يتوقع ان تكون الشركة المصدرة قد أجرت ترتيباتها لتكون معتمدة في كافة المستشفيات والعيادات الصحية. ولعل شركة «ضمان» التي تقود عملية التأمين الصحي، وترتيب الاتفاقات مع مزودي الخدمات معنية بوضع الامور في نصابها الصحيح، حرصا من الجميع على إنجاح وتعزيز هذه التجربة الحضارية والمسؤولة، بدلا من ترك الامور هكذا خاضعة لأمزجة البعض، وطريقته في التعامل مع أمور لا تحتمل الاجتهادات، لأنها تتعلق بصحة الإنسان