الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظلم الإسلام للمرأة في الميراث.. ليس صحيحاً

ظلم الإسلام للمرأة في الميراث.. ليس صحيحاً
17 يوليو 2009 01:52
يتخذ البعض من مسألة حق المرأة في الميراث والتمايز بين الرجال والنساء وسيلة للطعن في الإسلام، وإثارة الشبهات حول موقفه من المرأة واتهامه بإهدار المساواة وحقوق المرأة المادية لصالح الرجل لأنه دين ذكوري يعتبر المرأة أدنى من الرجل. ويقول الدكتور محمد عمارة -المفكر الاسلامي أن القرآن الكريم ذكر في آيات الميراث قول الحق سبحانه: «للذكر مثل حظ الأنثيين «11 النساء». والواقع أن الكثيرين من الذين يثيرون الشبهات حول أهـلية المرأة في الإسـلام ويتخـذون من التمايز في الميراث سبيلا إلى ذلك لا يفقـهون أن توريث المـرأة على النصـف من الرجل ليس موقفا عاما ولا قاعدة مطردة في التوريث في الإسلام لكل الذكور وكل الإناث. فالقرآن الكريم لم يقل: يوصيكم الله في المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين، إنما قال: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين» أي أن هذا التمييز ليس قاعدة مطردة في كل حـالات الميراث، وإنما هو في حالات خاصة بل ومحدودة من بين حالات الميراث. فلسفة الإسلام وأضاف: أن الفقه الحقيقي لفلسفة الإسلام في الميراث يكشف عن أن التمايـز في أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة والأنوثة، وإنما لهذه الفلسفة الإسلامية في التوريث حكم إلهية ومقاصد ربانية خفيت على الذين جعلوا التفاوت بين الذكور والإناث في بعض مسائل الميراث وحالاته شبهة على عدم كمال أهلية المرأة في الإسلام. وذلك أن التفاوت بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسـفة الميراث الإسلامي إنما تحكمه ثلاثة معايير. أولها درجة القرابة بين الوارث ذكرا كان أو أنثى وبين المورث المتوفي فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث. وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب في الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين. أما المعيار الثاني فهو موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال. فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل وتصبح أعباؤها عادة مفروضة على غيرها، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات. فبنت المتوفي ترث أكثر من أمه وكلتاهما أنثى. وترث البنت أكثر من الأم حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها، وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التي للابن، والتي تنفرد البنت بنصفها. وكذلك يرث الابن أكثر من الأب وكلاهما من الذكور. حكم إلهية وأوضح: أن هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث في الإسلام يحتوي على حكم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين. وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على الإطلاق. والمعيار الثالث هو العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين. وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى، لكنه تفـاوت لا يفـضي إلى أي ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها. بل ربما كان العكس هو الصحيح. ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في درجة القرابة واتفقوا وتساووا في موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال مثل أولاد المتوفي ذكورا وإناثا، يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث. وأشار د.عمارة إلى أن القرآن الكريم لم يعمم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات، فقالت الآية القرآنية: «يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين»، ولم تقل يوصيكم الله في عموم الوارثين، والحكمة في هذا التفاوت في هذه الحالة بالذات هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى هي زوجه مع أولادهما. بينما الأنثـى الوارثة أخت الذكر إعالتها مع أولادها فريضة على الذكر المقترن بها. فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها، الذي ورث ضعف ميراثها، أكثر حظا وامتيازا منه في الميراث فميراثها مع إعفائها من الإنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة لجبر الاستضعاف الأنثوي ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين. سقوط الشبهة وقال: أن المشكلة في هذه المسألة هي إغفال طرفي الغلو الديني واللا دينى الفلسفة الإسلامية في تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات وهي التي تجعلهم يحسبون هذا التفاوت الجزئي شبهة تلحق بأهلية المرأة في الإسلام. على حين إن استقراء حالات ومسائل الميراث كما جاءت في علم الفرائض «المواريث» يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة في هذا الموضوع فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث يقول لنا، إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل. وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث فيها المرأة مثل الرجل تماما. كما أن هناك حالات عشر أو تزيد ترث فيها المرأة أكثر من الرجل. وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال. أي أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال في مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. وختم الدكتور محمد عمارة حديثه قائلا: تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث في عـلم المواريث التي حكمتها المعايير الإسلامية في التوريث، والتي لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة، كما يحسب الكثيرون من الذين لا يعلمون، وهذا يسقط الشبهة الخاصة بظلم الإسلام للمرأة في الميراث.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©