حين تكون العربية في مناطق الخطأ، فهي على ما نرى بالضرورة في مناطق الخطر، وذلك أنه ليس كالجهل بالشيء، عائقاً على التجديد فيه وتجاوزه، بعبارة محببة لبعض الشعراء والنقاد العرب الحداثيين.. إذ شاعت عبارات التخطي والتجاوز وتدمير اللغة، لدى نفر من الشعراء والنقاد، وذلك في باب الدفاع عن الحداثة الشعرية وأساليبها واجتراحاتها في الطريقة واللغة. وما نقصد إلى نقده هنا، ليست تلك المفردات وما تحمله من معانٍ على وجه الدقة، بل هو أمر آخر يتعلق بما يرتكبه اليوم الباحثون والأكاديميون والشعراء، وبالجملة أهل الأدب، من أخطاء صرفية ونحوية ولغوية، في تركيب الجملة العربية، وبما يرتكبون أيضاً بمن فيهم الشعراء من أخطاء عروضية، وهو أمر يكاد يكون شائعاً بين أهل الأدب اليوم تحت ستار كثيف من الجهل أو الصمت أو التواطؤ.. والضحايا بالتأكيد هي اللغة العربية والشعر العربي والأدب بشكل عام. لقد لاحظنا، وهي مسألة تتعلق بنا شخصياً، على امتداد عدد كبير من المؤتمرات والملتقيات الشعرية والنقدية العربية، التي شارك فيها شعراء معدودون، ونقاد ودارسون محكّمون، وقوع هؤلاء في الكثير من الأخطاء النافرة في الألفاظ والتركيب السليم للجملة العربية، وفي الأخطاء الصرفية والنحوية، فضلاً عن الأخطاء العروضية، ونكاد نجزم، من خلال ما سمعنا وشاهدنا وقرأنا أن الذين يجيدون الأصول اللغوية والعروضية في الشعر العربي الحديث والمعاصر، هم قلة ويعدون على أصابع اليد الواحدة.. في حين أن من يقعون في الأخطاء، ويستسهلون هذا الوقوع، لقلة الرادع والمصحح، هم الكثرة الكاثرة.. وهي واحدة من آفات الحداثة الشعرية العربية على كل حال، ولنا في ثلاثة ملتقيات شعرية ونقدية، حضرناها على التوالي على مدى شهرين من الزمان، في كل من الكويت والقاهرة وعمّان، عشرات الشواهد على ما نقول.. ولا تتسع هذه العجالة لذكر التفاصيل، فهي لدينا مثبتة، ومرجأة لمجال آخر