لم تكن المشاركة المصرية في كأس القارات التي تقام حاليا في جنوب أفريقيا سوى حدوتة مصرية خالصة لا تقل في جمالها عن روائع الأدب المصري وروايات نجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس. وفرض نجوم مصر أنفسهم على البطولة وعلى وسائل الإعلام العالمية، فلم يكن للصحف الرياضية في الكرة الأرضية هذه الأيام حديث سوى عن منتخب مصر، وعن المستوى الرهيب الذي ظهر به المصريون خلال مشاركتهم الحالية والتي بدأوها بترويض منتخب البرازيل على الرغم من الخسارة ومن ثم تلقين الآزوري الايطالي بطل العالم درساً قاسياً لن ينساه الطليان أبداً. وما حققه المصريون في البطولة جعل الشارع الرياضي المصري والعربي والأفريقي يسهر حتى الصباح فرحا بالمستوى قبل النتيجة وكان المواطن البسيط يقف جنبا إلى جنب مع ابن الذوات في مشهد من الفرح تلاشت فيه الفوارق واختفت الطبقات، فالمنتخب المصري هو لكل المصريين والفرحة من نصيب قرابة 76 مليون مصري بالإضافة إلى كل العرب وكل الأفارقة. وعندما أقيمت القرعة أشفق الجميع على المنتخب المصري بعد أن وضعته إلى جانب منتخبي البرازيل وايطاليا، وجزم البعض أن المهمة تعتبر مستحيلة وكانت قمة الطموح أن يتمكن الفريق من الصمود أمام هذين المنتخبين اللذين يمتلكان نصيب الأسد في ألقاب كؤوس العالم. كما جاءت المشاركة المصرية بعد نتائج متواضعة في تصفيات كأس العالم وآخرها الخسارة أمام الجزائر في البليدة والتي وضعت آمال مصر في معانقة المونديال على كف عفريت. ولكن بالعزيمة والثقة بالنفس أصبح نجوم مصر أشهر من نار على علم وخطف زيدان وأبوتريكة والحضري النجومية من كاكا وروبينيو وبوفون وأجبروا العالم بأسره على ترديد أغنية عظيمة يا مصر. واليوم يخوض الفريق مباراة العبور إلى الدور نصف النهائي عندما يلتقي المنتخب الأميركي والمطلوب أن يواصل المصريون على نفس المستوى من الجدية، فالمنتخب الأميركي لن يكون فريسة سهلة والمطلوب من المنتخب المصري أن يفوز بنتيجة لا تقل عن ثلاثة أهداف لكي يضمن الصعود بغض النظر عن نتيجة مباراة البرازيل وايطاليا التي تقام في نفس التوقيت. ولعل مباراة اليوم وحلم الصعود إلى نصف النهائي هي تتويج لمرحلة هي الأروع في تاريخ الكرة المصرية وبعد قدوم المعلم شحاتة ونجاحه بالفوز بلقب كأس أفريقيا في نسختين على التوالي نستطيع أن نقول إنه الجيل الأروع والمدرب الأفضل في تاريخك يا مصر. التفاتة: ما حققه المصريون في هذه البطولة ينبغي أن يكون البداية وقلوبنا اليوم معهم حتى تكتمل فصول الرواية. راشد الزعابي ralzaabi@hotmail.com