مدينة داخاو مدينة صغيرة تقع شمال غرب مدينة ميونيخ، تضم أول وأكبر معتقل نازي في ألمانيا يضم تذكارات حية لجرائم النازية بحق الإنسانية، حيث يضم مقر السجن الذي سيق إليه اليهود والمعارضون فترة الحرب العالمية الثانية عبر قطارات مازالت ماثلة في تلك المدينة الكئيبة، حيث يتم تحضيرك ذهنياً للتعاطف مع حكاية المحرقة وضحايا هتلر وجرائمه التي ارتكبت بحق اليهود بالرغم من أن دراسات معمقة وشديدة العلمية والموضوعية قد أكدت أن ضحايا المحرقة لا يمكن أن يكونوا بهذا العدد المهول الذي يروج له اليهود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية!! بني المعتقل في مدينة داخاو عام 1933 واستمر حتى نهاية الحرب الثانية عام 1945، وقد اعتقل فيه خلال هذه المدة 200 ألف شخص، توفي منهم في أرض المعتقل ما يقارب 35 ألف شخص بحسب رواية مسؤولي المعتقل والنشرة التعريفية التي توزع على الزوار والسياح، هؤلاء المعتقلون كانوا معارضين سياسيين للحزب النازي وعدد من أسرى الحرب والشواذ والغجر والمعوقين غير القادرين على العمل واليهود وتم إجراء تجارب على المعتقلين مثل تجربة اختراع كبسولة تنقي جسم الإنسان بعد شرب ماء البحر واختبار تحمل جسم الإنسان لدرجات ضغط عاليه من أجل استخدامها في الطائرات أو الغواصات وتجربة تحمل جسم الإنسان للبقاء في ماء بارد لفترات طويلة ، وكانت أهداف هذه التجارب لتطبيقها في الجيش الألماني وقد مات أثناء هذه التجارب عدد كبير من المعتقلين. في آخر أيام الحرب العالمية الثانية كان المعتقل مليئاً لدرجة انتشار عدد من الأمراض مثل حمى التيفوئيد التي قضت على أعداد كبيرة من السجناء وقد تم عزل الشخصيات المهمة جدا في المعتقل في مبني صغير وخاص تم فيه سجن الأمراء الأوروبيين ورجال الدين وكبار الأكاديميين المعارضين البركسات هي أماكن عيش ونوم المعتقلين وغرف التجارب والمحارق هي مايمكن للزائر لمعتقل داخاو أن يزوره كما يوجد متحف ضخم جداً يعرض كل مايتعلق بالمعتقل بالإضافة للفيلم الوثائقي الذي يعرض لمدة عشرين دقيقة ،أما زيارة المعتقل بأكمله فقد تستغرق مدة لا تقل عن سبع ساعات لكنها ساعات تملأ الذاكرة بكل مشاهد البشاعة والقسوة وتجعل الإنسان بعد خروجه من باب المعتقل يحمد الله أنه كان في زيارة سياحية لا أكثر. قلت إن الألمان يكرهون السياسة طالما كانت تصب باتجاه الحديث عن تاريخ ألمانيا في تلك الحقبة الملتبسة عندما سطع نجم هتلر بشكل مفاجئ ليقود ألمانيا إلى ذلك المصير السيئ، لكن الألمان ينتابهم الزهو حين يتحدثون عن الشخصية الألمانية بالرغم من تجهمها الشديد، فهذه الصرامة والجهامة وقلة الضحك والابتسام عند الألمان قد أنتجت أفضل وأجود المنتجات الصناعية على مستوى العالم وفي كل التاريخ الإنساني، فالألماني الذي يصنع أفضل السيارات والطائرات وأدوات الزراعة و... وغيرها يهتم بالمسمار الصغير في الآلة قبل أن يهتم بتزيينها أو بهيكلها، ويهتم بسمعة ألمانيا قبل أن يهتم براحته وفائدته التي سيجنيها. ayya-222@hotmail.com