أوباما جاء إلى هنا وقدّم ما لديه، وحول ما قال دارت الأقاويل والتآويل، وإذا كان يحق لكل من فسّر، وفكّر، ودبر، وحتى لو شكك فيما قدمه الرئيس الأميركي بحكم ما عانت المنطقة من تقلبات وعقبات، ونكبات بفعل السياسة الأميركية، فإننا أيضاً يحق لنا أن نسأل.. أمام هذا الطرح الأميركي المتقدم جداً قياساً للسياسات السابقة، ماذا سيكون الفعل العربي والإسلامي.. إن الوقوف عند نقطة الصفر، والتحدث بلغة الماضي، والوقوع في أسر أحداث مضت، حتى وإن كانت دموية ومأساوية فإنه أمر يفضي إلى مزيد من التشرذم، وضياع الحقوق، وانسياب المياه العذبة من بين الأصابع لتصبح مستنقعاً لا تعيش فيه غير الطفيليات، والأمراض الوبائية التي عانت منها المنطقة، ولا تزال تدفع الأثمان باهظة ومدمرة. المطلوب الآن ليس التحدث بما فعلته أميركا، وإنما بما ستقدمه وتفعله، ولكي نؤكد حضارية طرحنا، لابد وأن تكون لنا كعرب كلمة واحدة، وسياسة واحدة، وتوجه واحد تجاه القضايا الجوهرية والتي يجب ألا يختلف عليها اثنان. نحن أصحاب حق، والحقوق لا تعطى مجاناً، وإنما تنتــزع، وانتــزاع الحــق يحتــاج إلى قـــوة، والقــوة لا تولـد إلا مــن رحــم وحـــدة القــرار، ووضـــوح الرؤيـــة.. فـالعالــم لا تقوده صداقات دائمة، وإنما مصالح دائمة، ومن مصلحة أميركا أن تكون لها علاقات قوية مع العرب على مختلف الصعد، والمستويات بحكم ما تتمتع به المنطقة من مقومات اقتصادية، وثقافية، وأيديولوجية هائلة، ولكن أميركا لن تذعن لعلاقات متكافئة إلا مع الأقوياء، ومع الذين يقدمون المصالح الوطنية والقومية على الأهواء الطائفية والعرقية، وأيديولوجيا الفئات والمنظمات.. أميركا لن تلتفت إلى دول تقودها منظمات، ولن تنظر بعين الاحترام إلى بلدان تنظر إلى أنصاف، وأرباع، وأشلاء.. يجب أن نعتـرف أن العالـــم وليــس أميـــركــا وحــدهـــا لا يحترم إلا الأقوياء، ولا يتحدث بلغة القاسم المشترك إلا مع الأصحاء، ولدينا أمثلة كثيرة في العالم بدأت أميركا تحسب لها ألف حساب على الرغم من أن هذه الدول أقل بكثير مما نتمتع به نحن العرب من إمكانات وطاقات طبيعية وبشرية، ولكنها دول عرفت كيف تثبت ذاتها، وتؤكد وجودها. إذاً فالعرب مطالبون اليوم بقوة القرار وقوة الإرادة والتخلص من التشرذم ليسمع الآخر صوتهم