حذر جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية الجمهور من الانسياق وراء معلومات مضللة تنتشر في مواقع الانترنت، تحذر من نوعية معينة من الأغذية بزعم احتوائها على مواد تضر بالصحة العامة، والا يعتدوا بمثل هذه المعلومات الا إذا كانت من مصادر رسمية أو من خلال الجهاز نفسه، والذي يقوم بجهود مقدرة هي محل إشادة وترحيب الجميع. جاءت تحذيرات الجهاز بعد أن تحولت هذه المعلومات والشائعات التي ُتبنى عليها الى وسائل وأدوات حرب تجارية بين متنافسين، غالباً ما يدفع ثمنها الجمهور الذي يعيش لحظات من الرعب، وهو يسمع أن أطعمة أو مشروبات مفضله لديه، تحوي مواد مسرطنة أو تسبب أمراضاً خطيرة. وأتذكر ذات مرة قيام الكثير من أولياء الأمور بإفراغ مخزون بيوتهم من أحد أنواع العصائر الشهيرة، والمفضلة عند الصغار، بعد أن عصفت بهم شائعة بأنها تحوي مواد مسرطنة، قبل أن تقول المختبرات من جديد كلمتها الفصل في الموضوع، وتؤكد عدم صحة تلك المعلومات. وقبل أن تكتشف الجهات المختصة أن شركة منافسة في الخارج كانت وراء نشر تلك الشائعة والمعلومات بهدف تدمير الشركة المنتجة للعصير الناجح في أسواقنا. أما أحدث ضحايا حرب الشائعات الغذائية فقد كانت أنواع من أسماك تستورد من فيتنام، وتصطاد من نهر الميكونج الذي يعد من ضمن أكبر وأطول أنهار العالم. ولقيت رواجاً كبيراً في أسواق العديد من الدول العربية، وحتى في منطقتنا الخليجية، نظراً لقرب طعمها من طعم أسماك الهامور الشهيرة، وقد أقبل عليها أصحاب المطاعم، وكذلك شرائح من الجمهور بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأسماك الطازجة. ومن هنا كانت هدفاً للشائعات في حرب المتنافسين التجاريين. فقيل إن هذه الأسماك تعيش في ذلك النهر "الذي تغمره بقايا القذائف التي أطلقتها أميركا خلال حرب فيتنام التي مضى عليها أكثر من 30 عاماً"، وإن دلتا ذلك النهر "يعد من أكثر المناطق تلوثاً في آسيا"، وغيرها من الأخبار والمعلومات التي ثبت عدم صحة أي منها، بعدما قالت السلطات المعنية بصحة الغذاء في الدولة كلمتها في القضية. وقد كانت الشرارة الأولى للشائعة التي انتشرت بسرعة، من دولة عربية شقيقة وجد تجار الأسماك فيها أن الجمهور أقبل بجنون على الاسماك المستوردة لرخص أثمانها مقابل التي يفرضها التجار هناك. فما كان من هؤلاء الا إطلاق الشائعة التي وصلت إلينا. والتي تستدعي من المسؤولين في أجهزة الرقابة الغذائية تطوير الاداء وسرعة التعامل مع الشائعات التي تستهدف إثارة البلبلة والقلق في أوساط الجمهور، وكذلك الأسواق بحيث يتضرر الناس منها لصالح الجهة المستفيدة من ترديدها. ولنأخذ قضية أسماك فيتنام التي ظلت تتفاعل لأكثر من ثلاثة أسابيع قبل أن نسمع القول الفصل بشأنها. والتي تكشف ايضاً اضطرار شرائح من الجمهور عليها، بعد أن بلغت مبالغات تجار سوق السمك عندنا مستويات غير مقبولة أو مبررة في بلد ولله الحمد غني بالمصايد وخيرات البحر المتنوعة. ولعل أطرف ما تابعت في مسلسل حرب الشائعات، قصة البلاغات الكيدية بين صالونات مدينة العين، بعد أن اقترب عددها من 400 صالون!!.