''لم نستغرب أن ينشر مقال في صحيفة ''الوطن'' السعودية مليء بالاستخفاف بالإمارات وشعبها، حيث ادعى الكاتب ياسر سعيد حارب أنه أجرى استطلاعاً للرأي على مجموعة من أصدقائه في الإمارات، وتبيّن له من خلال أجوبة هذه المجموعة أن الإماراتيين ليس لهم رأي في القضايا الحيوية مثل: قضية الجزر، والتركيبة السكانية، والصراع بين الولايات المتحدة وإيران، وأضاف ياسر أن الإماراتيين يهتمون فقط بالحديث عن ازدحام الشوارع في دبي، واستغرب عدم وجود كتّاب إماراتيين في باب الرأي في الصحف المحلية إلاّ ما ندر!'' ما قرأتموه أعلاه·· هو مقال كتبه محمد خليفة، وقرأته في ''إيلاف'' في معرض تعليقه على ما نشرته صحيفة الوطن السعودية على لسان ياسر سعيد حارب، وبعيداً عن كيل التهم للأخ ياسر، والمزايدة على وطنيته، أو أن له دوافع أخرى من نشر هكذا كلام، وبعيداً كذلك عن التحسس الزائد، والانفعالية، إذا ما كتب أحد عن الإمارات كلاماً لا يعجب بعضنا، فكيف بواحد من أبناء الإمارات، الغيورين عليها، وبعيداً كذلك عن نقد الزميل محمد خليفة، وحريته الكاملة في التعليق على أي رأي يطرح، إلا أن المسألة في نظري موجودة، وهي أكبر من ذلك، خاصة عند الجيل الجديد، وهي مشكلة عامة تشاركنا فيها كل بلدان الوطن العربي، لا نريد أن نثوّر الأمور، ونجعل من الأشياء الصغيرة جبالاً من القتامة والسوداوية، ونجعل من الحياة الملونة، جدية في غير محلها، وحزم ولزم في كل الأمور، وفي غير وقته، لكن علينا أن نعترف أن الاهتمامات اليوم تغيرت، لأن كل شيء في الحياة تبدل، والمفاهيم تبدلت، والقيم الأخلاقية تبدلت، والمسائل الروحية تبدلت، والمدارس الفلسفية والفكرية تبدلت، فكيف باهتمامات جيل جديد، محاصر بالرفاهية، وثقافة الاستهلاك، بعيد عن القراءة، وسبر عمق معاني الحياة· ولعل مرجع هذا القصور، عندنا في الإمارات إلى: - كثرة الاهتمامات الاستهلاكية والتي يشجع عليها المجتمع، وتحض عليها وسائل الإعلام الترفيهية، ولا تطرح بدائل عنها وسائل الإعلام الرسمية والجادة· - طبيعة المجتمع الجديد الذي نعيش فيه، ذي الشخصية ''الكوزموبوليتانية'' أجناس، أعراق، ديانات، إثنيات وثقافات مختلفة، وجميعها يوحدها النجاح الخاص، والعزف المنفرد· - النزعة الفردية، ومحاولة تغليبها على الروح الجماعية، ومشروعية تحقيق الأحلام والطموحات الكبيرة، ولو كان الثمن إلغاء الآخر، والتخلي عن مبادئ أو ثوابت وطنية· - التعليم الأعرج، وعدم وجود منهج وطني، التخبط اللغوي، وأساليب التدريس القديمة· - معظم قضايانا الوطنية والقومية، هي مناسباتية، نطرحها في العيد الوطني، أو في الذكرى الخمسين للهزيمة المرّة، أو حين يستأسد علينا العدو من جديد، داخلاً كرمنا، ليقطف من عنبنا· - علينا أن نعرف من نكون، لنصبح ما نريد!