منذ بدء الحياة والطائر شديد الاندماج في حياة البشر، بل لا تكاد أي مفردة أو موعظة أو مثال أو نموذج في العيش، إلا واستمد من هذا الكائن الجميل كل شيء، حتى ريش الطائر وأصواته وحياته ونمط سلوكه، لدرجة أن الحياة سوف تكون «عدماً» لو خرج هذا الكائن من حياة البشر. وإذا كان لكل بيئة طيورها المحلية أو المستوطنة، فإن كل القيود تسقط أمام هذا الجميل الذي أخذ منه الإنسان العبر وتعلم منه الكثير، وقلده في تحليقه وحياته وتكاثره وعشقه للحرية والجمال والحب. طائر المينا كما يسمى الآن في الإمارات، هو من الطيور التي جاءت أخيراً، ثم استوطنت هذا البلد وبشكل كبير، ويقال إنها من الطيور التي تم إحضارها من دول شرق آسيا والهند. هو طائر جميل، ذو منقار أصفر وله ريش في غاية الجمال، حيث يجمع بين ألوان متناسقة، من البني والأسود والأبيض. يشبه الغراب في صفاته وحدّة ذكائه، لكنه طائر شجاع لا يخاف أبداً، ولا يطير عالياً كثيراً، وهو طائر يحب المشي والهرولة ويتكاثر بصورة كبيرة. يعجبني في شجاعته وحدّة الذكاء التي يتمتع بها، وكثيراً ما يدخل في مشاجرات مع أقرانه. بالأمس شاهدت طائرين من طيور المينا يتصارعان بقوة، حيث تشابك مخلباهما وأخذ الطائران يتدحرجان على الأرض وهما في صراع مرير، ولا يباليان بالزجر أو الأصوات التي تدعوهما أن ينهيا الخصام. أمسكت بهما وأبعدت كل واحد عن الآخر، طارا مسافة قصيرة، ولكنهما عادا للصراع. شيء عجيب حياة هذا الطائر الذي يشبه الغراب. وهذا ما يذكرنا بما ورد في القرآن الكريم، عندما تصارع هابيل وقابيل، وكيف أن الغراب هدى هابيل إلى دفن سوءته بعد أن قتل أخيه. عالم الطير بحق مدعاة للتبصر وأخذ العبر من الطيور الذكية، بدءاً من الهدهد وحتى الغراب، وربما هذا الطائر الذي يشبهه. ليست هذه المرة الأولى التي أشاهد فيها هذا الطائر العجيب يتصارع مع النوع نفسه، ولكنها تتكرر كثيراً، بل إنني في إحداها شاهدت هذا الطائر يصد هجمات غراب اقترب من عشه، وكان شجاعاً وصلباً وقوياً في الدفاع عن أرضه وصغاره، بل إنه يطارد المعتدي على عشه إلى مسافات بعيدة. جميل هذا الطائر، ويستحق قراءة سلوكه والثناء عليه والاقتداء بشجاعته في الدفاع عن عشه وأرضه. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com