بالأمس، فُجعنا بوفاة طالب في السادسة عشرة من عمره دهسا عند تقاطع قرب مدرسته في أبوظبي. حيث تعرض للصدم من مركبتين. حادث يفتح أمامنا مجددا ملف الدهس، وبالأخص عند التقاطعات المهمة والشوارع والطرقات الرئيسية التي تفتقر إلى معابر آمنة للمشاة. كما يكشف أيضا على الجانب الآخر عن طريقة تعامل بعض مدارسنا مع الطلاب بعد انتهاء الامتحانات، كما لو أن مسؤوليتها تنتهي عند أسوارها. خاصة في هذه الفترة التي لا تنتظم فيها حركة الحافلات المدرسية. وذات مرة، غضب أحد مسؤولي مدرسة في قلب مدينة أبوظبي لمجرد أن دعوته لمتابعة مشاهد الفوضى الجارية قرب بوابة مدرسته جراء التجمع العشوائي لطلابها ، معتبرا الأمر خارجا عن السيطرة!. نعود إلى موضوع تزايد حوادث الدهس التي لا نتذكر ما يتم بشأنها إلا مع سقوط ضحية جديدة، ونقول إننا نعاني أشد المعاناة من وجود شريحة من السائقين المستهترين الذي لا يعرفون لخطوط المشاة -حتي إن وجدت- أي حرمة أو اعتبار، بل تجدهم يواصلون السير بنفس السرعة التي ينطلقون بها رغم مشاهدتهم مشاة يقطعون الطريق. وهم لا يعترفون بقاعدة أساسية ومهمة أثناء القيادة بجوار الأماكن السكنية والتجمعات من مدارس ومستشفيات، وهي تخفيف سرعة السيارة، فتجدهم ينطلقون بأقصى سرعة، معتمدين على ما يعتقدون أنها «مهارات» تمكنهم من السيطرة على السيارة الطائرة عند ظهور أي طارئ. وعلى الجانب الآخر، تجد شرائح من المشاة يفتقرون إلى الوعي بأبسط قواعد السلامة المرورية وهم يعبرون الشارع من غير الأماكن المخصصة، اختصارا للمسافة ما بين أماكن تواجدهم والنقطة المخصصة للعبور. ومع كل حادث دهس نتحدث عن قرب تنفيذ الإجراءات الخاصة بالحد من مثل هذه الحوادث، ولكنها تسير بطيئة والنزف يتواصل حاصدا أبرياء. إن في مقدمة وسائل التصدي لحوادث الدهس تشديد العقوبات بحق السائقين المتسببين، و تابعت قبل أيام مناشدة بذلك لأحد الآباء ممن فجعوا بوفاة صغيرته التي لم تتجاوز الرابعة من عمرها دهسا تحت عجلات سيارة مسرعة، بينما كانت تهبط من حافلتها المدرسية التي كانت متوقفة، فالرجل طالب بتشديد العقوبات بعد أن حكمت المحكمة على السائق بالسجن ثلاثة أشهر ودفع الدية الشرعية. وقال الرجل إنه استأنف الحكم، ليسلط الضوء علي ضرورة إعادة النظر في العقوبات وتشديدها، بحرمان أمثال هذا السائق من القيادة للأبد. وإخضاعهم للخدمة المجتمعية لفترات طويلة في الأماكن التي يتم فيها علاج وتأهيل ضحايا القيادة بطيش وسرعة في أقسام الحوادث والعلاج الطبيعي في مستشفياتنا. بعض دوريات المرور تركز عند المدارس على ملاحقة الشباب الذين يقومون بحركات استعراضية بسياراتهم، بينما عبور الطلاب المشاة بحاجة إلى تأمين ومتابعة هناك. وقبل يومين كانت إحدى هذه الدوريات مشغولة بفحص نسبة «المخفي» في السيارات قرب مدرسة كبيرة في منطقة مدينة زايد بالعاصمة، بينما حشود الطلاب تعرقل حركة السير في الشارع الفرعي الذي يمر بالمدرسة. مع تمنياتنا بالسلامة للجميع.