ما زلنا حتى اليوم نسمع ونتابع حالات أولئك الشباب الخريجين الذين لا يجدون عملا بالرغم من كل هذه الوظائف المتوفرة في سوق العمل، و ما زال الكتاب والصحفيون يستلمون عبر الهاتف وعبر بريدهم الإلكتروني العديد من المكالمات والرسائل التي تحكي قصص معاناة هؤلاء في البحث عن وظيفة -أي وظيفة- كما قالت لي تلك الخريجة التي طافت بعشرات المؤسسات بحثا عن وظيفة، ولكن بلا جدوى. في بدايات مرحلة معاناة الخريجين المواطنين مع الوظيفة، قيل الكثير من أسباب الرفض وقدمت العديد من التبريرات التي تجعل البنوك والشركات والمؤسسات ترفض أو تتردد في تعيين الشباب الإماراتيين، و كان في مقدمة تلك الأسباب والمبررات - غير المقبولة يومها – ضعف مستوى الخريج الإماراتي في العديد من المهارات التي يتطلبها سوق العمل مثل مهارات الكمبيوتر واللغة الإنجليزية والاستعداد لمجاراة استحقاقات ومتطلبات العمل في القطاع الخاص، من مثل ساعات الدوام الطويلة وقلة الإجازات والدوام على فترتين صباحية ومسائية و.... الخ ! وذهب ذلك الزمان الذي كان فيه الخريجون يفتقدون تلك المهارات، بل أصبحوا اليوم يتفوقون على غيرهم من كل الجنسيات في امتلاك مهارات الكمبيوتر؛ لأن الدولة عندنا انتهجت طريق تشجيع التقنية والاعتماد عليها في توجه حكومي بارز أخذ مسمى الحكومة الإلكترونية ليمتد إلى التعليم والمدارس وكل المؤسسات حتى لم يعد هناك مكتب في الدولة خال من جهاز كمبيوتر أو خط إنترنت .. لقد تفوقنا في هذا المجال وتفوقنا في فرض الإنجليزية كلغة أولى في تعليمنا الجامعي تحديدا لنتماشى مع متطلبات سوق العمل ولنسقط كل مبرراته؛ كي لا تكون هناك أية حجج تقف دون حصول الشاب أو الفتاة الإمارتية على حقهما في الحصول على وظيفة تتناسب ومؤهلاتهما! مع ذلك، فقد بقي الحال متعثرا، وهنا نشطت مؤسسات ورموز وهيئات حكومية في تبني حركة كبيرة عرفت بالتوطين والتنمية من أجل استيعاب طاقات الشباب الإماراتي في الوظائف المختلفة في كل القطاعات وبدأت معرض الوظائف وإحصاءات العاطلين تتبارى في أيهما يسبق الآخر في إثبات وجوده، وللأسف فلم تتمكن معارض الوظائف من حل الأزمة التي تحولت بمرور الزمن إلى أزمة وطنية بكل المقاييس، لقد نجحت الإحصاءات دائما في فرض واقع سلبي يقول دائما إن أعداد العاطلين تتزايد ولا تنقص، حتى وإن اختلفت أرقام الإحصاءات ما بين مؤسسة وأخرى! تقول إحدى خريجات جامعة الإمارات والمتخصصة في حقل المصارف وإدارة الأعمال إنها لم تترك مكانا لم تقدم فيه للحصول على وظيفة، طرقت كل الأبواب وتركت سيرتها الذاتية ونسخا عن شهاداتها والدورات التي حصلت عليها في كل جهة يمكن أن تتخيل وجود وظيفة فيها، كما فعلت الشيء نفسه في معارض الوظائف، لكنها لم تحظ بشيء بعد مرور زمن طويل كاف لإدخالها في دوامة اليأس . وهنا نقول من هو المسؤول عن هؤلاء مجددا؟ ماذا عليهم أن يفعلوا ليجدوا وظيفة هي حقهم كمواطنين في بلد لم يدخر وسعا في توفير آلاف الوظائف للجميع !! لا نعتقد بعدم وجود وظائف في الإمارات لأبناء الإمارات المؤهلين والخريجين وأصحاب الكفاءات والشهادات، لكننا نعتقد بوجود أزمة استيعاب وبعدم وجود خطة وطنية واضحة تسهل استيعابهم وانخراطهم في الوظائف المناسبة لتخصصاتهم عبر جهاز تنظيم واستيعاب وتوظيف القوى الوطنية في الإمارات. ayya-222@hotmail.com