في كل مرة تحتفل فيها الإمارات عبر مؤسساتها المختلفة بتكريم فائزين أو متميزين في أي مجال من مجالات العمل والإبداع الإنساني، تتوالى الأسماء على منصة التتويج وتبتسم وجوه وتنفرج أسارير، وينال المكرمون الذين تم اختيارهم وأغلبهم ليسوا إماراتيين، هنا يلاحظ أغلبنا غياب المبدع الإماراتي بشكل واضح، ومستمر عن منصات التتويج، أنه يغيب عن جوائز الصحافة وعن جوائز الأدب والسينما والتلفزيون وغيرها من المجالات ولسنوات متتالية ولا أحد يدري سببا وجيها لهذا الغياب. إن هذا الالتفات للمسألة لا يشكل اعتراضا على نتائج أي مسابقة أو جائزة ، كما أنه لا يشكك في أحقية من نالوا الجوائز والتكريم فقد نالوه باستحقاق بحسب ثقتنا في لجان التحكيم والتقييم، لكن السؤال يبقى مشروعا ومشرعا للبحث والتباحث وإبداء الرأي، حيث تشكل هذه الاحتفاءات والجوائز أمام العالم أجمع أهمية واعترافا واحتفاء، يجعلها مهمة لمن نالها ولمن تقدم لها ولمن بادر بتقديمها، فبعض الجوائز الأدبية والصحفية تكتسب زخما واحتراما وتقييما عاليا في نظر المراقبين من خلال الأسماء المحترمة والرصينة التي تمنح هذه الجوائز بصدقية وشفافية، وبعضها يمنح بعض الأسماء الجديدة اذنا مفتوحا لدخول عوالم الشهرة والانتشار، من هنا تكون الأهمية ويكون التسابق لنيلها. على هذا الأساس نتساءل لماذا يغيب الصحفي الإماراتي عن منصة التتويج في هذه المناسبات ؟ لماذا تغيب الشخصية الإماراتية عن أن تحتل مكانتها كشخصية العام ؟ ليس لمرة واحدة وأنما دائما وبكثافة ؟ لا نريد من يقدم لنا لائحة بأسماء بعض من نالوا الجوائز من المواطنين الإماراتيين فهم معروفون بالأسم ومعدودون على أصابع اليدين، وهذا هو مبعث التساؤل : لماذا هذا التضاؤل والحضور الخجول للأسماء الصحفية مثلا وكأنه لا صحافة لدينا ولا كتاب ولا صحفيون ؟ لماذا لا نسمع عن كتاب إماراتيين وروائيين إماراتيين وكتاب سيناريو وقصص قصيرة وقصص أطفال وشعراء و..... الخ ؟ لقد شهدت سنوات الثمانينيات وجود نخبة متميزة من الكتاب والمبدعين الإماراتيين في مجال الرواية والقصة القصيرة والشعر والصحافة والعمل الاجتماعي، انبثقوا من جماعات من المثقفين وأصحاب الوعي ومشاريع التنوير والتغيير في تلك الفترة الحالمة من سنوات الزخم في التوجهات والأحلام والمشاريع القومية والوطنية على حد سواء، ولقد برزت أسماء لامعة ومبدعة بشكل لفت أنظار النقاد العرب والمثقفين الذين كتبوا عنهم وتنبأوا لهم بمستقبل واعد كانوا جديرين به لو أنهم استمروا وواصلوا الطريق ولو أن الظروف خدمتهم والرياح لم تعاكس مراكبهم التي تكسر معظمها على صخور الواقع العملي والاجتماعي. لكن معظم أولئك المبدعين والمبدعات قد تفرقوا في دروب الحياة، واستقالوا من إبداعاتهم الجميلة واكتفى كل منهم بمجموعة قصصية أو مجموعتين – ما عدا عددا بسيطا يعد على أصابع اليد الواحدة- دون أي رغبة في العودة أو المواصلة مجددا كما هو واضح اليوم حيث لم تقدم لنا تلك الأسماء أي نتاجات جديدة بخلاف ذلك الإنتاج الذي ظهر لهم في تلك السنوات وقدمهم للجمهور المحلي والعربي، ولا زال محفوظا في العديد من مكتبات المؤسسات الثقافية والمكتبات العامة واتحاد الكتاب وغيرها. نتمنى عودة الروح لتلك الأقلام المبدعة، نتمنى وجود الإماراتي وبكثافة على منصات التتويج في بلده كما يحدث في كل بلد ينظم مسابقة أو يمنح جائزة، أنها أمنية مشروعة وليست باهظة التكلفة أو صعبة المنال لكنها تحتاج إلى إرادة من جميع الأطراف بلا شك. ayya-222@hotmail.com