في خضم حمى وموجة تقسيم الشقق والفلل في مناطق العائلات وإسكان عزاب فيها، والتي تشهدها أبوظبي حاليا ضبط مفتشو البلدية مؤخرا، حالة غريبة للغاية تكشف ما آلت اليه صور استغلال البعض لحاجات الآخرين في البحث عن سكن معقول بإيجار يقدرون عليه· وتكشف ايضا استهتارهم بحياة وأرواح الناس وآدميتهم· فقد ضبطوا ''مستثمرا'' عربيا قام بتقسيم فيلا استثمرها من أحد المواطنين، وحولها الى ما يشبه مغارة علي بابا، ولم يكتف الرجل باستغلال حتى سطوح الفيلا بتقاسيم مثل ''الجحور'' من الصفيح و''الشنكو''، بل قام ببناء طابق عليها من هاتين المادتين، ووضع سقفا من القرميد الأحمر على البناء ''الكرتوني'' من أجل التضليل، وقد نجح رجال البلدية في منع كارثة انسانية كانت ستقع لو سكن أبرياء في تلك المغارة من دون أي ذنب لهم، سوى أن البعض قد أعماه الجشع الى درجة الجنون، ولم يعد يميز بين إسكان بشر وجمع قطيع في زريبة للحيوانات - تكرمون -· ومن دون تفكير ايضا بأن لكل مبنى طاقة استيعابية، وللخدمات الخاصة به قدرة محددة على التحمل من دون الضغط على خدمات المياه والكهرباء، وتقود الأحمال الزائدة على الأخيرة الى تماس كهربائي قد يسبب ما لا تحمد عقباه· والواقع أن ضعف المتابعة والقوانين البلدية الرادعة قد شجعا أمثال صاحبنا على التمادي في غيهم، فالبعض يتحدث عن غرامة لا تتجاوز الثلاثمائة درهم عند الضبط· وهي لاشىء قياسا بحجم الجرم والتشويه الذي يقوم به المخالف· بينما المخالفة عند القاضي اذا جرى تحويل القضية اليه من الشرطة تنال عقوية مشددة، والشرطة لا تتدخل إلا بعد وقوع حادثة جسيمة لا قدر الله· في العديد من المدن الأوروبية يقوم اقرب جار لك بإبلاغ السلطات الرسمية اذا ما لاحظ تجاوز عدد القاطنين في الوحدة السكنية الواحدة الحد المسموح به· بينما بلديتنا العزيزة تركت الحبل على الغارب لمستثمري الغفلة إياهم، لذلك فإن بلدية أبوظبي مدعوة الى تشديد قوانينها الداخلية بصورة تردع ''على بابا'' من الاستمرار في بناء ''مغاراته'' المشوهة والخطيرة مستغلا ظروف أزمة الإيجارات التي تمر به أجمل مدينة تتوسد قلوبنا·