المسرح قصيدة أو رواية أو حكاية، ينسجها ليل المعنى لنستمع إلى قصيدة هذا الشاعر الجميل ثم نتحدث: ''انهزم ليل المعنى مع تباشير الصباح/ ناهب فرحة سنينه تارك دمعه ذروف العذر منك يا ليالي مثل محبوبي مباح/ تسرق الساعات مني وأنا بعيوني أشوف'' قصيدة في غاية العذوبة والروعة تسري مثل نجمة في سماء بعيدة يطلقها الشاعر أحمد بو رحيمة ولكنها عندما تصل الى مداها السرمدي البعيد تحط في المسرح بعد ان يقول آخر كلماتها الجميلة: ''ميت بعيني سعادة حيّ بعيني صياح/ العشق بالبعد حسرة - الوصل راحة وخوف يبقى شيء في الرواية ليت شعري له صلاح/ من رضى بالموت معنى ما تعزي به حروف'' هذه القصيدة الجميلة كيف أصبحت مسرحية جميلة وقوية تطرق مجالاً جديداً في فن التعبير عن الوجدانيات والمشاعر الإنسانية المتدفقة، وكيف استطاع الفن المسرحي ان يحول هذا النص الى دراما رائعة وظف فيها الفنان المخرج محمد العامري كل جهده وطاقته ليحولها الى نص مسرحي في غاية الجمال، ولعل وجود فنانين مسرحيين لديهم هذا التجلي والعمل بصدق وبحب للنص، هو الذي قدم هذا العمل على صورته الجميلة، خاصة الدور الرائع الذي قدمه الفنان سيف الغانم والفنانة أشجان، بالإضافة إلى العمل المبهر الذي يعتمد على الحركة والرمز والدلالات التي رفعت النص وساندت الفكرة والتي برع فيها كل من الفنانة هبة والفنان محمد علي، لقد استطاع هؤلاء ان يقدموا عملاً مسرحياً راقياً وهو من التجارب الجميلة في أيام الشارقة المسرحية ولا بد ان يكون هناك جهد كبير بذل لتحويل هذا النص القصيدة الوجدانية والحميمية جداً الى عمل بهذا الجمال· الفنان أحمد بو رحيمة صاحب النص وللعام الثاني على التوالي يتحف أيام الشارقة المسرحية بالجديد الجميل والرائع، حيث قدم العام الماضي أيضاً عملاً جميلاً كان حديث أهل المسرح؛ وبورحيمة الذي أعرفه أكثر من الآخرين علقنا عليه آمالا كبيرة عندما كان مسؤولاً عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم، حيث كان يمكن ان يخدم الإمارات بقيادة مجموعة من اخوانه المسرحيين الذين اشتغلوا بجد نحو بناء مسرح مدرسي يكون له أثر مهم على مستوى الدولة، ولكن وقتها ابتُليت التربية والأنشطة التربوية بمسؤول عمل على تحطيم طموحات المسرحيين الشباب ومنهم هذا الشاب الجميل الذي كسبته دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، وأعماله ونشاطاته تؤكدان أن لديه الكثير الذي يمكن ان يقدمه للمسرح· أحمد بو رحيمة ليس مسرحيا وفنانا فقط وانما هو شاعر جميل له الكثير من القصائد باللغة العربية الفصيحة وبالعامية وايضاً بالنبط، بالاضافة الى اهتماماته الكبيرة بالموروث الشعبي وحفظه للكثير من روائع القصائد النبطية والشعبية وايضاً من الشباب المحب للتراث وخاصة حياة البحر· فما يغسل صدره البحر ويسبح في زرقته الواسعة، يكون إنساناً جميلاً وعذباً مثل الماء القراح؛ وإننا في انتظار الجديد من بورحيمة في العام المقبل·