سواء ما يتعلق بالمرأة أو بالأسرة العربية والخليجية على وجه الخصوص فإن صورة كليهما في الإعلام ليست مطمئنة على الإطلاق، المرأة رمز الفساد والإثارة، والأسرة رمز مجسد للتفكك والتآمر، هذا ما قدمه الإعلام للمرأة طيلة سنوات طويلة من المسلسلات والأفلام التي أدمنا عليها جميعا منذ الطفولة وحتى اليوم، إن المرأة المرغوبة في السينما والتي يتهافت عليها الرجال هي المرأة المثيرة والتي تثير الزوابع والأزمات بين رجال الحي أو رجال العائلة، هي المرأة التي توقع بين الاخ وأخيه وبين الأب وابنه، أما الأسرة فحدث عن صورتها في مرآة الإعلام ولا حرج !! بدأت الإعلانات والأخبار عن الاستعدادات لمسلسلات رمضان، وبدأت حكايات هذه المسلسلات تعلن هنا وهناك من قبيل الإثارة، وفي الحقيقة فليس هناك ما يثير لأنه ليس هناك من جديد، الحكايات نفسها، المرأة المظلومة المقهورة إما أن يكون القاهر هو الزوج أو الابن أو الأخ، وإما أن تكون كل الظروف مجتمعة، الحكايات في الأسرة الخليجية واحدة، المؤامرات بين الاخوان والاخوات، والتداخلات العجيبة التي تتشابك في ظل ظروف غريبة وأحيانا غير منطقية لتنسج حكاية مأساوية تجعل المسلسل يرشح بالبكاء والأنين والوجع الذي بلا نهاية. هل هذه هي صورة الأسرة الخليجية فعلا كما تقدمها العديد من المسلسلات الرمضانية؟ المعروف أن المسلسل يقدم الأسرة الفلانية بجميع أبطالها وتتابع الاحداث حولهم ضمن سياق درامي معين كنموذج لأسرة خليجية في نهاية الأمر، وهنا يفترض أن يكون الوالد هو رمز متواجد أويمكن وجوده في العديد من الأسر وكذلك الأخ الشرير والأخت السيئة والابنة العاقة والمراهق المنحرف، وزوجة الابن السليطة والصديق الخائن وال.... الخ ، حيث لايبدو في النهاية نقطة ضوء واحدة في المحيط، هل هذا معقول فعلا ؟ هل يمكن تصور بيئة بكل هذا السوء وهذا السواد؟ صار المشاهد الخليجي يعرف طبيعة المسلسل قبل أن يتابعه من ضمن عدة مؤشرات ذات دلالة: أولها ارتباط بعض النجوم بنوعية معينة من الشخصيات والأعمال، أما ثانيا فتخصص بعض الكتاب في نحت صورة مظلمة للمجتمع الخليجي بناء على تجارب شخصية ربما، وأما ثالثا فشيوع هذه الموضة او النغمة التي يعتقد أهل الدراما أو مسؤولي الفضائيات العربية أن الجمهور يرغب ومتلهف لهكذا أعمال ومسلسلات دون أن يكلف أحدهم نفسه عناء فحص هذا الاعتقاد والتأكد من مصداقيته قبل أن يبنوا عليه هذا الحكم الذي ملأ رمضان كل عام بأحزان درامية بلا نهاية. في الحقيقة فإنه لا اعتراض على حقيقة أن هناك سيئات أصابت المجتمع وانحرافات أصابت الشخصية الخليجية لأسباب كثيرة، لكن ألا يبدو وجود هذا الكم من السوء ومن ثم الحكم بأن الأسرة الخليجية من أولها لآخرها سيئة ومنحرفة ومتآمرة أمرا مستفزا وغير منطقي، بل ومنفر؟ إن الجمهور مل هذا التوجه وصار يرفضه حاليا بعد ان كان قد تقبله لسنوات سابقة بسبب هجمة العنف والحروب وكثرة المآسي التي تعج بها الشاشات العربية، المشاهد أكثر وعيا من أن يستدرج عاطفيا لأعمال بهذه السذاجة، صار أكثر تمحيصا وتدقيقا وأكثر رغبة في مشاهدة أعمال منطقية وعقلانية بعيدة عن العاطفية المريضة والغوغائية المبالغ فيها. ayya-222@hotmail.com