تأثرت في أحد الأيام بينما كنت أستمع لبرنامج إذاعي محلي يناقش قضايا ومشاكل المواطنين والمقيمين بالدولة بصوت أنثوي يعبر الأثير لتشكو هماً وغصة اعتلتها منذ فترة، بعد موقف وسؤال طرح عليها من قبل ابنها الصغير قائلة «سألني ابني في أحد الأيام سؤالاً تسمرت أمامه بادئ الأمر، ولكن سرعان ما تجاوزت الموقف، ولكنني وفي قرارة نفسي كنت أعرف أنه الواقع برمته»، وأوضحت المواطنة سؤال ابنها الذي طرح كالتالي «لماذا نعيش يا ماما في بلد ليس بلدنا»؟.. واختتمت السيدة مكالمتها وهي تتأمل حلاً لهذه المسألة. ويبدو أنه يوم غير عادي بالنسبة لي، ففي نفس المساء، وبينما كنت أتجول مع صديقتي غير المواطنة في أحد الأسواق، أتفاجأ بجملة عرضية وسط حديثنا قائلة «يبدو أن المواطنين كتروا هالأيام بالبلد»، ويبدو أن الحالة التي أصابت السيدة المتحدثة بالإذاعة انتقلت لي بحذافيرها ولكن بشكل آخر. الشاهد من القصتين وغيرهما من القصص التي قد تتكرر بشكل شبه يومي، وقد يكون أحد أسبابها «الخلل في التركيبة السكانية» التي تفتح لنا المجال هنا لعرض معلومة قد تكون إيجابية عند البعض وسلبية عند البعض الآخر، وهو ما يتعلق بتعدد الجنسيات في الدولة التي وصلت حتى الآن إلى حوالي 200 جنسية يعتنقون عشرات الديانات ويتكلمون مئات اللغات واللهجات، وهنا نصل إلى نقطة محددة لابد من تعريفها، وهي التركيبة السكانية، خصوصاً تفاوت عدد السكان بين المواطن والأجنبي. وفي إحدى إمارات الدولة يصل عدد المقيمين الآسيويين إلى خمسة أضعاف، الأمر الذي خلق عُقداً لابد من حلها وبحث أسبابها، خاصة إذا تعلق الأمر وبشكل مباشر بالهوية الوطنية، وسط هذا التنوع وهذا الخضم من تعدد الجنسيات. أتوقع أن حل المشكلة قد يطول مع المشاريع التنموية الكبيرة التي تشهدها الدولة وما يرافقها من توسع عمراني وحضاري. ويبقى الأمل معقوداً على الحلول بعيدة المدى التي وضعتها البلاد لحل مشكلة التركيبة السكانية، وتعميق سياسة توطين الوظائف في البلاد وسن المزيد من التشريعات العمالية للحفاظ على التركيبة والهوية الوطنية. مريم الشميلي