دعوات وزير البيئة إلى أصحاب الكسارات في الدولة بضرورة الالتزام باللوائح والاشتراطات الخاصة بعملها بحلول يوليو المقبل، أعادت إلى الأذهان مجدداً معاناة شريحة كبيرة من السكان ممن وجدت منازلها محاصرة بكسارات ومحاجر، بعد أن زحفت هذه الكسارات إلى المناطق السكنية، وخاصة في رأس الخيمة والفجيرة. في المراحل المبكرة من قيام الدولة كان هذا النشاط عشوائياً إلي حد كبير، وتلك الكسارات تعمل على مدار الساعة، وأشعل النقص في إمكانياتها وقدراتها سباقاً بين الشاحنات أيضا للوفاء بالتزامات نقل الأحجار والإسمنت إلي مواقع الإنشاءات في هذه الإمارة أو تلك في أتون ورشة العمل الضخمة التي قامت في الدولة ، وكل ذلك كان مقبولا ومحتملا. ولكن اليوم وبعد مرور كل تلك العقود ما زال الكثير من تلك الكسارات يعمل بذات العقلية القديمة، ويتجاهل أساليب السلامة ، وحماية الصحة العامة وسلامة السكان من آثار ما تخلف من غبار وضجيج وخطر حتى على الأرض التي تعمل فيها. وقد تابعنا في مناسبات مختلفة انهيارات جبلية لم يستبعد الخبراء أنها كانت من تأثير أعمال الحفر والتفجير التي تقوم بها تلك الشركات، ولعل الانهيار الجبلي الذي قطع مؤخراً طريق دبا الطويين، ومن قبله طريق دفتا الفجيرة كانا من الأمثلة الواضحة التي تضرب في هذا الاتجاه. وهذا لا يقارن أيضا بمدى الأذى الصحي الذي تسببت فيه هذه الكسارات، وأثرت فيه علي صحة السكان وبالذات على الأطفال وكبار السن الذين ترتفع بينهم الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والربو الشعبي . ومع استمرار عمل هذه الكسارات التي أصبح عدد منها على بعد أمتار من البيوت ، لا يزال الوضع كما هو في مناطق بالفجيرة ورأس الخيمة، على الرغم من كل الاشتراطات التي وضعتها السلطات المحلية قبل أن تظهر الـي الوجود وزارة البيئة والمياه. واستمراراً لهذه الجهود صدر قرار مجلس الوزراء رقم 20 لعام 2008، والذي ينظم عمل هذه الكسارات والمحاجر. كما جرى عقد حلقة نقاشية ضمت كل الأطراف المعنية برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة رئيس المجلس الوزاري للخدمات. واليوم تعلن الوزارة أن مهلة شهر يوليو المقبل ستكون نهاية لهذه الكسارات والمحاجر كي تصوب أوضاعها، وتنفذ الاشتراطات المطلوبة منها من أجل خفض التلوث والأتربة والغبار المتصاعد من عملياتها بوضع الفلاتر والمرشحات ذات المواصفات العالية المحددة من قبل الوزارة، وكذلك خفض الضجيج وتنظيم ساعات العمل. إن الأمور التي تطلبها الوزارة من هذه الشركات تعد بديهيات في الكثير من دول العالم، وتعتبر جزءا أساسيا ولا يتجزأ من الالتزامات والمسؤولية المجتمعية لهذه الشركات تجاه المجتمع الذي تعمل فيه والتزامها الذي يفترض نحو سلامة أفراده. إن تدني تصنيف العديد من هذه الكسارات في المعايير التي حددتها الوزارة يعبر عن أصرار على تجاهل تلك المعايير ، وعدم الاكتراث بها، لأن البعض من هؤلاء الأولوية عنده في زيادة أرباح شركته، ولو جاءت على حساب راحة وسلامة وصحة الآخرين. ونتمنى فعلا أن تكون مهلة يوليو المقبل نهائية لهذه الشركات، بعد أن طال صبر الوزارة وصبر الأهالي عليها كثيرا كثيرا.