حتى لا نواصل العزف على نغمة الإحباط، لن نكرر ما ذكرناه عقب زيارتنا لنادي برشلونة الإسباني، من أن الفارق بيننا وبين هؤلاء البشر عشرات السنوات، وهو ما تأكد بعد زيارتنا لمدينة ميلانو الإيطالية لحضور اجتماعات الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية، ومشاهدة مباراة إنتر ميلان مع لاتسيو في الدوري الإيطالي، حيث التنظيم الرائع والدقيق الذي لا يترك شيئاً للصدفة والحرص الشديد على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب الذي كان له أكبر الأثر في أن تسير كل الأمور بسهولة ويسر وانسيابية دون تقاطع بين الأدوار. وطوال الاجتماعات اتفق الجميع على أن التحدي الحقيقي الذي يواجه وسائل الإعلام الرياضي حالياً هو كيفية الحصول على المعلومات بشفافية ووضوح بعد أن بات الإعلاميون يجدون مشقة كبيرة في أداء مهمتهم بشكل مباشر، نتيجة انتشار المواقع الإلكترونية للأندية وكذلك المواقع الخاصة بالنجوم، فإذا أردت أن تحصل على معلومة تخص نادياً معيناً أو نجماً، فليس أمامك إلا أن تتصفح موقع النادي أو موقع النجم لتعرف آخر أخباره، وبالطبع فإن المعلومات في هذه الحالة لا تعبر إلا عن وجهة نظر النادي أو رأي النجم، وهنا ليس أمامك إلا أن تنقل المعلومة كما هي، وأن تتحمل مسؤولية دقة المعلومات أو عدم دقتها، لأنك الوسيط بين النادي أو النجم وبين القراء الذين يتعاملون معك على أنك «ناقل للحقيقة»! وعندما نتوقف عند طبيعة المرحلة التي يمر بها الإعلام الرياضي في العالم بوجه عام، فمن السهل أن تكتشف أن الحال في ساحتنا العربية تبدو أكثر صعوبة، فالإداري يتعامل مع الصحفي الذي يغطي أخبار ناديه على أنه موظف تابع للنادي وليس صحفياً من واجبه أن ينقل الحقيقة حتى لو لم تكن على هوى الإداري، وكم من المرات التي يطلب فيها الإداري من الصحفي أن يغض الطرف عن خبر يتعلق بإصابة أحد لاعبيه خلال التدريبات، حتى لا تصل المعلومة للفريق المنافس، وكم من المرات التي يطلب فيها الإداري من الصحفي ألا يشيد بمستوى أحد اللاعبين في التدريبات حتى لا يقوم الفريق المنافس بوضع الخطة الكفيلة بمراقبة هذا اللاعب، والأغرب من ذلك أن الإداري من الممكن أن يطلب من الصحفي نشر خبر عن إصابة أحد اللاعبين.. «وهو سليم» للتمويه على الفريق المنافس وغيرها من الحالات التي تتعلق بمنع الاقتراب أو التصوير، وعدم السماح للصحفيين بحضور مران الفريق، وتحويله الى حصة سرية وكأننا لسنا بصدد التعامل مع مباريات رياضية، كل الفرق فيها أشبه بكتاب مفتوح. وشخصياً أرى أن الإعلام الرياضي لا يمكن أن ينجح إلا في بيئة تحترم رسالته وتقدرها وتسهل مهمته حتى يتمكن من نقل الحقيقة.. ولا شيء غير الحقيقة.