أحياناً يتساءل الإنسان لمجرد التساؤل، لماذا يبقى العالم متأزماً؟ أو لصالح من يبقى سكان العالم على أعصابهم على الدوام؟ خاصة خلال العشرين سنة المنصرمة، والتي شهدنا أحداثها، هل السبب راجع للإنسان الذي يحاول أن يدمر نفسه وما حوله نتيجة إخلاله بالقيم الأخلاقية، ونتيجة اعتدائه على الطبيعة؟ أم هي نتيجة أفعال تحركها النفوس الشريرة عند البعض، في محاولة لبسط النفوذ والطمع الغريزي واستعراض القوة، وفرض الهيمنة؟ بدأنا بمرض نقص المناعة المكتسبة الذي لم يُسيطر عليه بعد، بعد أن حصد مئات الآلاف، وبدأنا بحروب أهلية هنا، وحروب إبادة جماعية هناك، بدأنا بتغذية الإرهاب بوسائل مختلفة، وحين تمرد علينا، وخرج الجني من قمقمه، تعاضدنا على تجفيف منابع الإرهاب بعد أن دفع الجميع فاتورة هذا العمل غير المحسوب، ولم نفلح بعد، ثم جاءت على فترات الجمرة الخبيثة، والرعب الذي كان مزروعاً فيها، ثم جنون البقر، وانفلونزا الطيور، واليوم انفلونزا الخنازير، مروراً ببؤر توتر، وحروب محتملة، أفغانستان وقرابة 30 عاماً والمدافع لم تهدأ يوماً، الرعب النووي، والتسرب الإشعاعي، وكارثة تشيرنوبيل، ومحاولة الاستحواذ على الجمهوريات الإسلامية في روسيا، بما تمثله من اقتصاد ومواقع استراتيجية، ومخزون سلاح ذرّي، العراق وحربا الخليج، وتداعياتهما السياسية والجغرافية، وهناك كوريا الشمالية وإيران، ومن قبل كان لبنان و16 سنة من الحرب الأهلية، وعدم استقرار أمني في المنطقة، واقتتال سياسي وطائفي، وتصفيات لرموز وطنية، القضية الفلسطينية، ومحاولة إيجاد طريق لخريطة مسلوبة، أحداث سبتمبر، وخلخلة النظم، ومنظومة الإجراءات والتدابير الاحترازية في كافة القطاعات، وعلى مستوى العالم، أما أفريقيا السوداء فهي مخزن للأسلحة والفساد السياسي، والحكم العسكرتاري، وعذابات إنسانية لن تنتهي يوماً، من مرض، وجهل، وحروب وقودها أطفال صغار، ويقودها جنرالات يتاجرون بالألماس، والوطن، والإنسان• وما تكاد الحروب أن تهدأ حتى جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزت عروشاً وامبراطوريات مالية، وتبخرت في أشهر أصفار كانت عصيّة على العد، حتى غدت أصفاراً بلا عدد، ولا قيمة، ولكل كارثة مخلفاتها التي هي أحياناً أكبر من الكارثة الأصلية• هل كل الذي يجري في العالم هو بمحض صدفة، أو تخلقه الظروف، أم هو عقاب للبشر نتيجة المعصية كما يدعي رجالات الدين في كل الأديان، أم هو لعبة دولة ومؤسسات كبرى تتصارع من أجل الحفاظ على المنفعة، وعلى إدامة سيطرتها، وبناء قوتها، وفرض هيمنتها على مقدرات الآخرين؟ تبدو قضية الصدف وقضية المؤامرة ليستا كافيتين لتبرير كل هذه الأحداث الجسام التي تشتعل فجأة، وتنتشر بسرعة الريح، ثم تنطفئ من تلقاء ذاتها، بمرور الوقت، وبفعل النسيان•• هو مجرد سؤال عن ''لعبة الدولة''!