بعد ما تهدأ العاصفة التي تعقب نهاية كل جولة في الدوري وتهدأ حدة الضجيج التي تثار في العادة على كل الأحداث التي ترافقها سواء كانت أحداثاً تستحق التوقف معها أو أحداثاً لا تستحق· عندما تهدأ الأمور وتحاول تأمل النتائج والطريقة التي يسير بها سباق المنافسة على لقب الدوري تفاجأ بالطريقة التي يتفرد بها دورينا والتي أكاد أجزم أنه من الصعب أن تراها في أي مسابقة دوري آخر في أي مكان في العالم· كل مسابقات الدوري في كل مكان يحكمها معيار منافسة واحد يقوم على أن صراع المنافسة على اللقب يتقلص كلما اقتربت المسابقة من جولاتها الأخيرة ومعها ينحصر اللقب بين فريقين أو ثلاثة فرق على أقصى تقدير· نظرة سريعة على جداول الترتيب في معظم مسابقات الدوري العالمية مثل الإيطالي والإسباني والإنجليزي كفيلة بتقديم البراهين على صحة ذلك· في إيطاليا الإنتر منفرد وروما يحاول اللحاق به وفي إسبانيا الوضع مشابه بين ريال مدريد المتصدر وملاحقه برشلونة، وفي انجلترا صراع الصدارة اشتد بين مانشستر وأرسنال وتشيلسي ليس ببعيد· وأعرف أن الكثيرين لا يتقبلون طريقة المقارنة هذه بيننا وبين الدوريات العالمية لأن المعطيات مختلفة بشكل جذري بين ماهو موجود لديهم وما هو موجود لدينا، لكن اعتقد أن المعيار الذي يحكم المنافسة في النهاية هو واحد في كل مكان· وإذا نظرنا إلى طريقة سير المنافسة في الدوري فإنها تسير بصورة غريبة هذا الموسم، كل ما قطعت المسابقة خطوة باتجاه خط النهاية وجدنا أن الفرق التي تملك الفرصة الحقيقية للفوز باللقب تزيد بدل أن يحصل العكس ! بعد الجولة الماضية ارتفع العدد في قائمة الفرق المتنافسة إلى خمسة بدخول الشارقة في صلب السباق، وما يميز فرصة الخمسة أن هامش النقاط بينهم بسيط ويمكن ''تذويبه'' بسهولة في جولة واحدة· وقد يرى البعض أن هذه ميزة تخدم الدوري ومعدلات الإثارة فيه بأن تجد مجموعة كبيرة من الأندية تملك فرصة المنافسة لغاية النهاية، والبعض الآخر قد ينظر للموضوع من زاوية مختلفة بأن فرق دورينا كلها سواسية والمسابقة لا يوجد فيها كبار بحق يستطيعون فرض كلمتهم وإغلاق الأبواب في وجوه بقية الطامحين· وبصرف النظر عن كون أي من الرأيين محق فإن من المؤكد أن دورينا يفتقد وجود الفريق الذي يستطيع السير بنفس قوة الاندفاع في معظم الجولات لذلك نشهد حالة التقلب في المنافسة وكأننا في مزاد عام مسموح للكل الدخول فيه والمزايدة·