الإمارات يد تمتد لسلام البشرية، وعيون تصبو لوئام الناس على أرض البسيطة، فرغم اكفهرار وجه الكون، ورغم اكتئاب المرحلة، ورغم تزاحم الأسئلة وتراكم علامات الاستفهام، إلا أن الإمارات بحنكة التعاطي مع السياسة، وفطنة ممارسة فصولها وأصولها، تقف دائماً على الخط الموازي على ضفة النهر الأخرى، وتواصل مقاومة التصحر السياسي العالمي، واليباب الثقافي الذي أصاب البشرية، تواصل هذا الجهد من أجل عالم متصالح مع نفسه ويحترم حق الغير في العيش بلا تهديد أو وعيد أو منغصات· الإمارات تبذل الجهد لصياغة تضاريس سياسية لم تخدشها مشاغبات موجة عارمة، ولا مشاحنات ريح صارمة، ولا نوايا تبيت الغم والهم، وتفرد أجنحة لغزوات ونزوات لا هدف من ورائها سوى إنهاك مقدرات البشرية واستهلاك إمكاناتها وإسدال الظلام الدامس على مستقبل أجيالها· الإمارات تسير في الاتجاه الآخر، نحو غاية البناء ومنح البشرية فرص العيش في أمان واستقرار وطمأنينة، إيماناً منها بأن الحياة الهانئة حق مشروع للجميع، ولا امتياز لأمة دون أخرى، فالتفرد والتميز فقط للذين تخلوا عن أنانيتهم وتخلصوا من شوفينيتهم، وتحرروا من براثن أطماع بائسة عابسة، لا تسمن ولا تغني، بل تضني وتفني، وتستنزف قدرات وطاقات وتبذّر بحقوق· الإمارات تمضي نحو آفاق، وتفتح أحداقا، والأشواق هي الأشواق نحو عالم يمكنه أن يعيش بسلام، ويمكنه أن يتنازل عن أوهام بلغت الذروة، وأن يعانق الواقع بعقول منفتحة وقلوب يانعة بعشب الحياة· فالزيارة التي قام بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الى إيران هي رسالة حب للعالم أجمع، وهي خطوة من خطوات الانسجام الإماراتي مع كل معطيات السياسة، ولا تقف الإمارات في مثل هذه الظروف على الحياد، ولا تتفرج على المشهد بأنانية، بل إنها تنحاز دائماً للقواسم المشتركة بين الشعوب، وتمضي قدماً باتجاه ما يجمع بين الشعوب ويوحد صفوفهم، ويعلي كلمتهم، ويشد من أزرهم، ويمنحهم بريق الأمل في حياة لا تشوبها شائبة حرب، ولا تنوبها نائبة درب· هي الإمارات بفلسفة ناصعة، ووعي يذهب عميقاً نحو تأسيس واقع إنساني، لا يخضع للعصبيات، ولا ينحني للنزعات، ولا ينثني أمام العقبات، بل إن فلسفة الإمارات تؤمن بأن العقل البشري قادر على تذليل العقبات وتجاوز الكبوات وتحدي المعضلات، مهما اتسعت حدقتها وتوسعت رقعتها· الإمارات نهج سياسي ينأى بالأوطان عن خراب النفوس، وتغير الطقوس، وتحول الأفكار والأشخاص، الإمارات نهج يسير على ثوابت راسخة، شامخة، لا يثنيها عصف، ولا يحنيها نسف، بل هي شراع يمتد باتجاه بحار أوسع، وصحارى أشسع، وكلما اشتدت ريح، هبت الإمارات بأنفاس محبة لصدها بعقول متزنة، وسياسة مرنة، وثقافة لينة لا تُكسر ولا تُعصر، بل تدع الطريق مفتوحاً نحو حوار بناء، معطاء، يثري، ويسري في الدماء كأنه الحلم المتورد عند أغصان الحياة·