المكان الشارع الشرقي، الزمان مساء، والمشهد حضاري، راقٍ إلى أبعد الحدود ويدل على مستوى الوعي بالمسؤولية وعلى التفاني الذي يبذله رجالات الشرطة في بلادنا من أجل إشاعة الاستقرار والطمأنينة وبث روح السلام والوئام بين القاطنين على هذه الأرض جميعاً دون استثناء أو تمييز· في هذا الشارع، حيث وقفت سيارة تعطلت إحدى عجلاتها وتسمر صاحبها حائراً دائخاً لا يعرف كيف يتصرف، وهذا حال أغلب السائقين، إنه لا يعرف في استخدام السيارة غير إدارة مفتاح التشغيل فقط، عدا ذلك فالأمور مسلمة لرحمة الله، وما تقدمه الأيادي الرحيمة من معونة ومساعدة· في هذا الشارع شاهدت الرجل العسكري تقف سيارته خلف سيارة صاحبنا، وينزل إلى الشارع ويشارك في تغيير العجلة لتسير عجلة الحياة لدى الشخص الذي حار وخار سلسة وسهلة طيعة·· الأمر الذي يجعلنا نقول إن في بلادنا أمثلة يحتذى بها، وإن في بلادنا نماذج نفخر بها ونعتز ونشعر أننا بين أيدٍ لا تخضب الحياة إلا بخضاب البهجة، وإدخال السرور في نفوس الناس·· على أرض الإمارات لا أحد يشعر بالضيق، ولا أحد ينتابه إحساس بالحيرة، فالأمور تسير برحابة تسعد القاصي والداني، هذه هي الشفافية المبتغاة، وهذه هي الأريحية المأمولة، وهذه هي خلايا النحل التي تسعى المجتمعات المتطورة لصياغتها من أجل أوطان، الكل يعمل من أجل الكل، والجميع يجند نفسه خادماً لبناء وطن العزة والرفاهية· فكم هي الصورة ستكون ذات بريق أنيق في عيون ذلك الرجل الذي شاهد رجل الشرطة يقود حملة إصلاح عجلة سيارته بنفسه، ويقدم المساعدة له بنفس راضية، عطية، سخية لا منّة فيها ولا انتظار ثواب· فكم هي هذه الصورة ستبقى لوحة رائعة، ناصعة في ذهن الرجل وستمنحه مثالاً يقدمه لأبنائه وأصدقائه وأقربائه· كم هي هذه الصورة ستطبع في ذاكره الرجل لوناً من ألوان الحياة وشكلاً من أشكال التواصل بين رجال الشرطة والناس الذين يرعون شؤونهم ويتابعون أحوالهم ويشاركونهم همومهم ومشاكلهم· فكم هي هذه الصورة ستتبع الرجل كظله ولن تفارقه، وستكون موقفاً من المواقف التي يسردها الشخص كأمثلة للوفاء في بناء علاقات سوية صحية بين رجل الشرطة والناس· لا شك أن هذا الموقف النبيل يكرس وعياً ويغرس نبتاً أخضر في طريق مستخدمي الشارع فلا يشعر السائق حتى وإن جهل كل مستلزمات الإصلاحات الطارئة إلا بأمان النفس وراحة القلب واستراحة الروح، يشعر أن هناك عيوناً تحرسه وتتابع خطواته حفاظاً على حياته وحياة الآخرين، فالشارع اليوم يبدو حقلاً أخضر مزروعاً بألوان حمراء وبيضاء تهتف في الأمكنة بأجنحة الحِلْمَ والحُلُمِ· الشارع اليوم يعيش في غدق الذين يسهرون من أجل راحة الآخرين، والذين يعرقون من أجل بث النسائم في وجوه غيرهم·