مرة أخرى يعاد نشر الرسوم المسيئة، ومرة أخرى وأخريات سيعود النائحون والنادبون للبكاء والدعاء على أولئك الذين يوجهون الإساءات، وفق خطط مبرمجة ومدروسة بوعي وإتقان· وسيظل أولئك يوجهون السهام والسم الزعاف والرزايا والاسقام، إلى صدورنا ونحورنا وسنظل نحن فقط نتضرع إلى الله بأن يأخذ أرواح هؤلاء، ويزهقهم ويمحقهم·· نحن أصبحنا لا نملك من زاد الدنيا وعتادها غير الشكوى لأننا فقدنا المصداقية، وخسرنا التوافق مع الآخر وانتحرنا قبل أن نصل إلى خط التواصل، وفجرنا قيمنا، ونسفنا أسسنا، واتكأنا على تحصيل ما حصل، ولم نصل، ولم نقل شيئاً لأن لغتنا صارت حمراء حمقاء، حانقة، حاذقة، ومفرداتها بائسة يائسة عابسة لا تنبس إلا عن عجز وانكسار واندحار·· فهؤلاء الذين تصدوا لقضية محاربة كل ما يتعلق بالدين الإسلامي دخلوا ساحة فوجدوها فارغة من الفرسان خاوية من الجياد التي يمكن أن تكسب سباق الجدل، والحوار، والنقاش الذي يقنع ولا يقمع والذي يدمل الجروح، ولا يفتح أضرحة الموت المجاني·· هؤلاء انسلوا كالموت على جسد مريض نخرت عظامه، أدواء فتاكة، وأكلت من لحمه أمراض عضال حتى بات لا يقوى على استخدام الكلمة الصحيحة في الموقع الصحيح في الزمان المناسب، هؤلاء تجرأوا لأنهم وجدوا الملعب باحة مفتوحة للاعبين ناشئين يصولون ويجولون، أما الأساسيون فقد تجمدوا عند دكة الاحتياط ملتزمين الصمت متخفين تحت جلودهم الباردة وصقيع المواقف·· الذين يتصدون اليوم للدفاع عن قيم الإسلام هم من المتطوعين المتهورين الضالعين في السذاجة وعدم الوعي بقيمة الحوار الجاد، والمقنع، والمفحم مراوغ ومخاتل هؤلاء يسيؤون للإسلام وبعض من بني جلدتنا يعاونونهم على ذلك لأنهم لا يمتلكون من سلاح المعرفة غير الشتائم والسباب وما بذأ من ألفاظ·· وهكذا مواجهة فهي خاسرة باسرة مندحرة لافكاك·· لذلك فإننا نتمنى أن نخرج للعالم بلسان جديد وعين لا يغشيها رمد ونفس لا يرهقها كمد وروح لا يغريها المسد ،علماؤنا ومفكرونا مطالبون اليوم أكثر من ذي قبل بأن يغيروا من هندام الحوار وأن يسيروا في عز النهار متجلدين بمعرفة لا تعرف التهلكة مطوقين بقلائد إيمانية صحيحة ملأى بشراحة الصدر ونباهة الفكر ونزاهة البوح· علماؤنا مطالبون بأن يخرجوا للعالم بفكر جديد لا يستند على ما سلف من شحنات البغضاء والكراهية للعالم بل يجب أن يواجهوا المنحرفين بسواء السؤال وحسن المجادلة وطيب الحوار، والمعجم العربي يزخر بالمفردات التي تجل الإنسان وتقدره وتحترمه فلماذا لا نمضي في اختيار ألفاظنا لخدمة ديننا وإعلاء شأن قيمنا والوقوف أمام العالم ونحن أقوياء أسوياء لا ضعفاء منهكين نعالج هزالنا بالشتيمة والكلمة الذميمة· نعم نحن الأقوى بقيمنا الصحيحة ودعاتنا الأصحاء··