رن هاتف مكتبي الليلة قبل الماضية، وكان المتحدث على الطرف الآخر مقيماً عربياً بدا عليه التأثر وهو يقول: ''هذا رقم هاتفي ، وانا احدثك من أمام مستشفى الشيخ خليفة في أبوظبي''، ولأنني اعتدت تلقي الشكاوى والانتقادات ، تجهزت لتدوين ملاحظته، لكنه فاجأني قائلاً إنه ''يريد توجيه الشكر إلى دورية مرور ساعدته إثر تعطل سيارته ، وهو يقوم بنقل زوجته المريضة إلى المستشفى ، وعندما خرج أراد تشغيل سيارته فلم يدر محركها، تجمع حوله نفر من المارة، لم يستطع أي منهم معاونته، وما هي الا لحظات -كما يقول- حتى ظهرت دورية لشرطة المرور، نزل أحد أفرادها مستعلماً ليعود الى رفيقه الذي ترجل عندما عرف بالوضع، ''تقدما للمساعدة وقد أحضرا عدة خاصة باصلاح العطل، وبعد أن أصلحا سيارتي سألاني بكل لطف إن كنت بحاجة الى أي خدمة قبل أن يغادرا ولساني يتمتم بالشكر والامتنان لهما ''، وقال الرجل بصوت متهدج: '' لقد جبت معظم بلاد العالم شرقاً وغرباً، ولم أجد مثل هذه المعاملة، وتوصيل شكري لهما أمانة في عنقك''، واقفل الخط · وتركني لأروي لكم الصدى الكبير في نفس إنسان بسيط اثر لمسة صغيرة، بالنسبة لرجال شرطة أبوظبي، الذين يجسدون بأعمالهم رؤى قيادتهم لتحقيق التواصل مع أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، لتكون العلاقة بين الطرفين بهذا المستوى من الرقي الذي يستشعر معه كل فرد بدوره المتكامل مع رجال يسهرون على أمنه وراحته وسلامته· في بعض المجتمعات الجفوة في العلاقة ولدت رهبة لدى الإنسان من رجال الشرطة، بصورة يخاف معها من العبور حتى من أمام مركز للشرطة · لقد غاب عن المتصل -الذي قال إنه أمضى أكثر من ثلاثة عقود بين ظهرانينا- أن شرطة أبوظبي التي احتفلت بيوبيلها الذهبي مؤخراً قد وضعت نصب عينيها أن الإنسان هو شريك أساسي لتحقيق الأمن للجميع، وبخدمته والسهر على أمنه يتحقق أمن الوطن، إنها رؤية استراتيجية حققت ما ننعم به اليوم من أمن وأمان، نسأل الله أن يديمها علينا، وشكراً للعيون الساهرة من جديد·